728

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2009

مجلس الأمن الوطني يقرّر تعزيز الخطط الأمنية والإستخباراتية



تفجيرا بغداد ربما استهدفا دبلوماسيين عراقيين

طالباني يناشد الجوار بعدم إيواء منفذي التفجيرات

بغداد تتهم القاعدة والبعثيين بتفجيرات اليوم


مشادة تهدد تحالف علاوي والهاشمي والمطلك والعيساوي

إستهدف تفجيران انتحاريان مبنيين حكوميين في بغداد يوم الاحد الامر الذي أسفر عن مقتل 155 شخصًا واصابة أكثر من 600 اخرين، وخلف جثثًا ممزقة وسيارات محطمة في واحد من أكثر أيام العاصمة العراقية دموية هذا العام. وقد هزّ الانفجاران المباني وتصاعد الدخان من المنطقة الواقعة في وسط بغداد قرب نهر دجلة. وأشار مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي ان التفجيرين استهدفا اشاعة الفوضى في العراق كالهجمات التي وقعت في 19 أغسطس/اب واستهدفت وزارتي الخارجية والمالية كما يهدفان الى تعطيل الانتخابات البرلمانية في يناير/كانون الثاني.

بغداد: قرر مجلس الامن الوطني العراقي عقب جلسة طارئة تعزيز الخطط الأمنية والاستخبارية لمواجهة الخروقات الامنية وتصاعد عمليات التفجير التي تتعرض لها البلاد، فيما بحث رئيس الوزراء نوري المالكي مع وزير الدفاع عبد القادر العبيدي اسباب هذه الخروقات والامكانات المتوفرة لمواجهتها بينما اعتبر المجلس السياسي الاعلى للقادة العراقيين تفجيرات امس التي ادت الى مقتل 132 عراقيًا واصابة 600 اخرين تهديدًا خطرًا للعملية السياسية .

وأعلن الناطق الرسمي بإسم الحكومة العراقية علي الدباغ بأن القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي رأس إجتماعًا طارئًا لمجلس الأمن الوطني "لمناقشة التفجيرات الإرهابية التي تعرض لها المواطنون العراقيون ووزارات ومؤسسات الدولة مع أعضاء مجلس الأمن الوطني وقيادة عمليات بغداد". وأشار إلى ان اعضاء المجلس قدموا "شرحًا تفصيليًا عن نتائج التحقيق الأولية والخسائر والأضرار التي تعرض لها المواطنون الأبرياء ومواقع سيادية للدولة العراقية"كما قال في تصريح صحافي مكتوب الى "ايلاف" اليوم .

وأكد الدباغ بأن المالكي شدد على كل القيادات الأمنية والإستخبارية بضرورة التعاون والتنسيق التام لكشف هذه الخلايا الإجرامية التي تستهدف المواطن العراقي حيث أصدر توصيات خاصة بتعزيز الوضع الميداني والإستخباري. كما بحث المالكي مع وزير الدفاع عبد القادر العبيدي اسباب الخروقات الامنية، حيث أكد على ضرورة اتخاذ جميع الاجراءات اللازمة لتنفيذ خطط فاعلة تتصدى للعمليات الارهابية .

واضاف الدباغ أن المجلس السياسي للأمن الوطني برئاسة الرئيس جلال طالباني وبحضور نائبيه ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب ونائبيه وقادة الكتل السياسية قد ناقش الأوضاع السياسية في العراق وإستنكر الهجمات الإنتحارية الوحشية التي تعرضت لها وزارات ومؤسسات الدولة. واشار الى "أن هذه الهجمات الوحشية والتي تمثل تهديدًا خطرًا للعملية السياسية تستدعي من الجميع التكاتف من أجل إيجاد الحلول المناسبة للوصول الى آليات متفق عليها لإقرار قانون إنتخابات مجلس النواب والذي يعبر عن الحالة الديمقراطية التي يسعى الجميع لبناء العراق على أساسها والعمل بها والتوافق على حل المشاكل التي تعترض إقرار قانون إنتخابات يلبي مطالب الناخبين ويحفظ حقوق ومكونات الشعب العراقي".

وأكد الدباغ بأن المجلس قد فوّض الرئاسات الثلاث بالتوصل لآلية لقانون الإنتخابات لعرضها على المجلس للعمل بموجبها وإقرارها في مجلس النواب. قتل نحو مئة شخص واصيب اكثر من 700 اخرين في تفجيرين انتحاريين بسيارتين مفخختين استهدفا وزارتي العدل، والبلديات والاشغال، ومجلس محافظة بغداد، واتهم رئيس الحكومة نوري المالكي تنظيمات البعث والقاعدة بالوقوف وراءهما، مؤكدًا انها لن تنجح في تعطيل العملية السياسية واجراء الانتخابات التشريعية في موعدها.

وهي الحصيلة الأكبر للضحايا منذ اكثر من عامين في العراق حيث اسفرت اربع هجمات استهدفت طائفة كردية عن مقتل 400 شخص في محافظة نينوى في شمال البلاد في 14 اب/اغسطس 2007. وتراجع العنف في العراق منذ أن ساعد شيوخ العشائر في انتزاع السيطرة من متشددي تنظيم القاعدة وأرسلت واشنطن قوات اضافية، لكن وقوع هجمات ما زال من الامور المألوفة. وقالت مصادر في الشرطة العراقية ان امين عام تجمع العدالة والتنمية ياسين محمد اصيب في الهجوم الانتحاري ولقي مرافقه احمد مصرعه في الحادث ايضًا، وذلك لدى مرورهما بالقرب من مكان الانفجار لدى وقوعه.

وانتقد مسؤولون دولاً في المنطقة لم يذكروا اسماءها قائلين انها لم توقف الهجمات وذلك في اشارة الى الشكاوى العراقية من أن سوريا توفر ملاذًا آمنا للبعثيين السابقين، وأن مواطنين من دول سنية أخرى يساعدون في تمويل التمرد في العراق. أما ايران فاتهمت بتمويل وتسليح ميليشيات شيعية.

ويعتقد مراقبون سياسيون للمشهد العراقي تحدثوا مع "ايلاف" ان التفجيرات الحالية التي تستهدف تعكير الاجواء الامنية والسياسية في العراق 80 يومًا من الانتخابات العامة المقررة في السادس عشر من كانون الثاني (يناير) المقبل. واضافوا ان هذه التفجيرات الجديدة ستقوى من الموقف العراقي الذي يطالب الامم المتحدة ومجلس الامن فيها بتشكيل محكمة دولية للتحقيق في العمليات الارهابية، وكذلك التسريع في ارسال المبعوث الدولي الذي يجري البحث حاليًا في المجلس لارساله الى العراق حول هذه القضية ايضًا. واتهم العراق سوريا بالوقوف وراء التفجيرات وقال المالكي في تصريحات بواشنطن الاربعاء الماضي ان كل ما يحدث في العراق من عنف وفوضى منذ عام 2003 تقف وراءه سوريا التي تنفي بشدة هذه الاتهامات وتؤكد انها حريصة على حياة العراقيين وتؤي حوالى مليونين من الذين هربوا من بلادهم خوفًا على حياتهم نتيجة الاضطرابات الامنية التي يشهدها .

وقال حميد سعدي وهو صاحب متجر قرب مبنى وزارة العدل متحدثا الى رويترز هاتفيًا "لا أعرف كيف بقيت على قيد الحياة. الانفجار دمر كل شيء. لم يبق شيء في مكانه".

ووفرت القوات الأميركية فرقًا من المتخصصين في الادلة الجنائية وخبراء المفرقعات. وقالت مصادر الشرطة ان القنبلتين كانتا في شاحنتين صغيرتين مقفلتين يقودهما الانتحاريان بينما قال اخرون ان سيارة وشاحنة استخدمتا في التفجيرين. كما لحقت أضرار بفندق المنصور الذي يضم السفارة الصينية ومكاتب عدة هيئات اعلامية أجنبية. ويقول مسؤولون أميركيون ان الهجمات تهدف الى اعادة الصراع الطائفي الذي اجتاح البلاد بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 او الى تقويض الثقة في المالكي قبل الانتخابات البرلمانية العام المقبل.


ومن المتوقع على نطاق واسع ان يخوص المالكي الانتخابات، مستندًا الى تحسن الوضع الامني في انحاء البلاد. ووقع الهجومان في الوقت الذي تحاول فيه حكومته توقيع اتفاقات قيمتها مليارات الدولارات من شأنها ان تحول العراق الى ثالث اكبر دولة منتجة للنفط في العالم.

وتثير الهجمات شكوكًا بشأن قدرة قوات الامن العراقية على تولي المسؤولية الامنية من الجنود الأميركيين الذين انسحبوا من المدن في يونيو حزيران قبل الانسحاب الكامل من البلاد بنهاية 2011.

وقال جلال الدين الصغير القيادي في المجلس الاعلى الاسلامي العراقي وزعيم كتلته البرلمانية واحد المنافسين الرئيسين للمالكي من بين الشيعة في الانتخابات القادمة "المؤلم هو حصول الاختراق في منطقة يفترض انها اخر المناطق التي يفترض ان يحصل فيها مثل هذه الانفجارات"، واضاف" حصول الاختراق يشير الى اخفاق كبير والى اشتراك الاجهزة الامنية والقائمين عليها بالمسؤولية فيما حصل."

وفي بيان صادر عن البيت الابيض، قال الرئيس الاميركي باراك اوباما "ادين بشدة هذين التفجيرين الشائنين اللذين استهدفا الشعب العراقي، وابعث بخالص تعازي لكل من فقد عزيزا". واضاف "لا هدف لهذه الهجمات سوى قتل الرجال والنساء والاطفال الابرياء، وهي لا تشكل سوى تجسيد لمشاريع الحقد والدمار التي ينفذها اولئك الذين يرفضون ان يحصل الشعب العراقي على المستقبل الذي يستحق".

واعتبر السناتور الجمهوري جون ماكين المرشح السابق الى الانتخابات الرئاسية انه لا يجب ان تؤثر هذه الاعتداءات على وتيرة سحب القوات الاميركية من العراق، واتصل اوباما بالرئيس جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي ليعبر لهما عن تعازيه.

وقال مسؤول في وزارة الصحة طلب عدم كشف هويته لوكالة فرانس برس ان "حصيلة القتلى بلغت 99 قتيلا و712 جريحا توزعوا على اربعة مستشفيات في بغداد"، واشار الى "وجود اشلاء مقطعة قد تكون عائدة الى ست جثث اضافية".

ووقع الانفجاران عند مفترق طرق مزدحم قرب وزارتي العدل والبلديات وقال مراسل لوكالة فرانس برس ان السيارة التي انفجرت كانت متوقفة في وسط الطريق، وحصل الهجوم الثاني بعد عشر دقائق في شارع الصالحية امام مبنى مقر مجلس محافظة بغداد. واحدث الانفجار الذي وقع قرب جدار الوزارة، حفرة عميقة امتلات بالمياه بسبب تحطم انبوب لمياه الشرب يصل قطره الى عشرة امتار.

ودان السفير الاميركي في العراق كريستوفر هيل وقائد القوات الاميركية راي اودييرنو الاعتداء، ودعوا "العراقيين، في هذه اللحظة المصيرية التي تقود الى الانتخابات الوطنية، الى العمل معا للتصدي لكل اشكال العنف والترهيب". واكد اللواء قاسم عطا المتحدث باسم قيادة بغداد العسكرية ان الانتحاريين استخدموا في التفجير الاول شاحنة تنقل طنًا من المتفجرات وف يالثانية سيارة تحمل 700 كلغ من المتفجرات.

واوضح من جهة ثانية ان 92 من الجرحى كانوا لا يزالون يعالجون في المستشفيات مساء. وشاهد مراسل وكالة فرانس برس جثثا على الرصيف فيما كان مسعفون يحاولون سحب جثث من داخل سيارات تحترق، والقت معظم العائلات المفجوعة باللوم على قوات الامن وتقصيرها في اداء واجبها.

وقال محمد راضي بينما كان يبحث عن شقيقته الموظفة التي لا يعرف مصيرها داخل اروقة وزارة العدل "اين قوات الامن واين التفتيش؟ الحكومة جاءت باجهزة لا تعمل سوى على اكتشاف العطور ومواد التجميل"، واضاف "قوات الامن لا تقوم بواجبها، ولا تفتش السيارات، وتقضي الواجب في الحديث والجلوس او الحديث بالهواتف". وقال عادل سامي وهو سائق سيارة اسعاف "كلما اختلف السياسيون، ارسلوا لنا قنابل الموت، لا نريد برلمانًا، فليدعونا ويتركونا بحالنا، نحن نعيش من دون المشاكل التي يثيرونها".

تنديد دولي...

الى ذلك، ادانت سوريا وايران هذين التفجيرين، وصرح مسؤول في وزارة الخارجية السورية في بيان "ان سوريا اذ تؤكد ادانتها لمثل هذه الاعمال الارهابية المنافية للقيم الاخلاقية والانسانية فإنها تجدد موقفها الثابت الرافض والمستنكر للارهاب ايا كان نوعه ومصدره".


فيما اعتبرت ايران ان هذه "الاعمال الارهابية ترمي الى زعزعة الاستقرار وتعطيل عملية تعزيز البنى الديموقراطية".

وأعرب المجلس عن عميق التعازي لأسر الضحايا واعاد تأكيد دعمه للشعب العراقي وللحكومة مشددا على التزامه بأمن العراق، وقال رئيس المجلس الفيتنامي لي لونغ مينه في تصريح صحافي ان اعضاء المجلس يدينون باشد العبارات هذه الهجمات الارهابية.

وبعث الملك عبد الله الثاني اليوم برقية تعزية الى الرئيس العراقي جلال الطالباني دان فيها التفجيرين الارهابيين اللذين وقعا اليوم قرب وزارة العدل ومجلس محافظة بغداد وأوديا بحياة عدد كبير من أبناء الشعب العراقي الشقيق، وأكد الملك عبدالله الثاني "وقوف الاردن وتضامنه مع العراق الشقيق في التصدي للإرهاب بكافة صوره وأشكاله".

وأعرب للرئيس العراقي ولأسر الضحايا عن اصدق مشاعر التعزية والمواساة سائلاً الله العلي القدير أن يتغمد الضحايا الأبرياء بواسع رحمته وغفرانه وان يمن على المصابين بالشفاء العاجل.

من جهتها، دانت فرنسا التفجيرات في العاصمة العراقية مؤكدًا تضامنها مع الحكومة الشعب العراقي، وذكر وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير في بيان ان بلاده تدين "بشدة الاعتداء الدموي المزدوج الذي وقع في بغداد بوقت سابق واسفر عن مقتل نحو مئة واصابة اكثر من 500 اخرين"، وقال ان بلاده تؤكد تضامنها الكامل مع الحكومة الشعب العراقي وفي سعي الاخير الى بسط الامن والاستقرار هناك.

وقدمت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تعازيها الحارة لاسر واهالي ضحايا تفجيري بغداد اللذين وقعا في وقت سابق اليوم واسفرا عن مقتل اكثر من مائة شخص واصابة مئات آخرين بجروح.

وقالت الوزيرة الأميركية "انني ادين بقوة التفجيرين اللذين استهدفا وزارة العدل العراقية ومقر مجلس محافظة بغداد حيث تسعى هذه الهجمات الارهابية الشنيعة لتقويض التقدم الكبير الذي احرزه العراق ازاء تحقيق الاستقرار والاعتماد على النفس"، واكدت كلينتون "أنهم (الارهابيون) لن ينجحوا في تحقيق هدفهم ولن يمنعوا العراقيين من ادارة العدالة القائمة على حكم القانون والقيام بمسؤولياتهم المشروعة في حكم بغداد".

في سياق آخر، دان مجلس الأمن بشدة سلسلة الهجمات الارهابية التي وقعت في وقت سابق اليوم في بغداد مؤكدًا أن أي عمل ارهابي لا يمكنه عكس مسار السلام والديمقراطية واعادة الاعمار في العراق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك على الخبر

شاهد ايضا