728

الثلاثاء، 8 سبتمبر 2009

حقيبة النائب العراقي: وظيفة وطنية وليست طائفية

أخترتُ هذا العنوان أعتقاداً بأن مايحمله أعضاء مجلس النواب من مسودات مشاريع القوانين هي وظيفتهم المهنية المنتجة لدعم البلاد أدارياً وعلمياً وأجتماعياً، ولأوضح أيضاً بأنها وظيفة وطنية ترتبط برموز قيادية تتمسك برابطة الولاء والوفاء الوطني بين الأدارات الفدرالية وبروح لاتتسرب أليها الطائفية.

لايهم القارئ التسمية أِن كان النائب، البرلماني، المُشرِّع القانوني، أو ممثل الشعب، بقدر مايهمه المُسمى الحامل للوظيفة. أنها وظيفة يضطلع بواجباتها رجل أو أمرأة وممارسة ذات تقاليد تبتعد في أهدافها عن الطائفية في مجتمعات مدنية ونظم أنتخابية. كما لايهم أن كانت الحياة النيابية جديدة، كما هو الحال في العراق، أو قديمة نسبياً، كما هو الحال في دول الخليج العربية والأردن ولبنان ومصر.

كلُ مايهمنا هو أهلية وكفاءة من يجلس في هذا المنصب التشريعي ليمثلني ويمثلك نظراً لمساس الوظيفة النيابية وواجباتها بحياتنا وحقوقنا ورفاهية أبناءنا وأجيالنا القادمة.

وتمهيداً، أود القول بأنه رغم قلة المشاركين في بناء العراق الجديد بأدارة حديثة متخصصة، فأن المجتمع يفتخر بهم وخدماتهم عندما تُقدم للمصلحة الوطنية.

لقد كنا دوماً نفخر بعلمائنا الدينيين من المذاهب الدينية المختلفة وما قدموه من تضحيات للمسلمين وفي قيادتنا دينياً وأجتماعياً وخُلقياً. ونفخر بساهماتهم الحقيقية الشجاعة في حفظ كرامة المسلمين و توحيد صفوفهم وخاصةً عندما أنزلق العراق الى مهاوي التفرقة وألأنقسام والتشرذم، وأنتشر خلالها القتلة واللصوص في قصبات المدن يحملون السلاح ضد أبناء جلدتهم بتحريض داخلي مقيت وتمويل خارجي حاقد.

وأعتقدنا أن الكابوس الثقيل الذي مرَّ على عامة الناس قد زال بصلابة الشعب المُضحي وشجاعة أولياء الأمر. ألا أن ماشغلني مؤخراً، ظهور أحد الشخصيات العراقية الدينية المرجع بتصريحات مؤسفة تُحرض وتُشجع من جديد على أستمرارية الصراع الداخلي الطائفي المذهبي، وتحدي السلطة المسؤولة المنتخبة، بلواء اليوم الموعود وموصلة المقاومة في هذا الظرف الأستثنائي.

فقد نشرت أيلاف يوم 3 سبتمبر أيلول 2009، تلك المقابلة، لأجد في أقل شذوذها ماجاء في عنوانها: للمالكي شركاء في قتل الأبرياء في البصرة وبغداد.

هذه التصريحات الشاذة هي بالتأكيد لا تُعبر عن وجهة أي رجل تقي وهي لاتدعو الى أي عمل أجتماعي خيري، ومن المؤسف أن تصدر من جهة لها ممثلون في مجلس النواب العراقي الذين هم على مأظن، في منأى من هذه التصريحات ويستنكرون مصدرها. لقد تركتْ الكثير من النخب الأنتخابية للجهلة تكرار صور السنوات الأليمة الماضية بتصريحات من هذا النوع، التي لاتدفع بالألفة العراقية وتوحيدها، فالرجل الذي لبس رداء الدين لا يفترض به أن يحملَ خنجراً سياسياً ولايُفترض به اعطاء تصريحات مستهترة تزيل الستار من جديد عن نوايا شريرة بماتضمره وتتوعد به العراقيين. التصريحات المُضللة التي ورد بعضها بأسلوب غير مسؤول (نتبنّى لواء اليوم الموعود..... لواء اليوم الموعود تواصل عملها، والمقاومة موجودة حتى اليوم) و(ضرورة الحكم الإسلامي كحلّ لمشاكل العراق ) (ضوابط وشروط مهمّة لاختيار الكوادر المرشّحة للبرلمان أو الوزارات و يجب توافرها في كلّ مرشّح والمهمّ هو الولاء للعراق والعمل من أجل رفع الضرر عن الشعب العراقي) ولا تدل أن الرجل يدرك ضريبة الدم والتشرد التي دفعها الأب والأم والأبن والأخت ولا يعي ما يجري في الداخل من غليان وقلق على أتهاماته المبعثرة التي لا تنم عن فهم واقعنا العراقي البالي.

أن مايأمله العراقيون من نوابه المرشحين لدخول المجالس النيابية حملَ مسؤولية العمل في حقائبهم وعقولهم وتشريعات تتفهم واقعنا العراقي السياسي والأجتماعي الحالي بعد سنوات من أشاعة الفوضى. حقائب ممارسة مهنية تقوم بمسؤولياتها في تثبيت النظام والأدارة والروح الديمقراطية والفدرالية لأصلاح وبناء العراق المُخرب. أطلاق التصريحات والتهديدات الشاذة هي ليست طرق عمل متعارف عليها بين الأتقياء من رجال الدين، ومما يزيد من قلقي أستغلال أبناء شعبنا الفقراء وتوظيفهم في حملة التهديدات التي أتبعها سابقاً النظام العشائري لصدام وفتكتْ بأهلنا من السنة والشيعة والأكراد. فمن المبعثرين في أرجاء الدنيا من يطالب بتنحي رئيس الوزراء السيد نوري المالكي ومنهم من يتهمه باثارة المشاكل مع الدول الجارة بمجرد مطالبته كرئيس للسلطة التنفيذية تسليم المجرمين.

أن الغرض العام للحملة على سلطة العراق التنفيذية ممثلة برئيس الوزراء هي:

أضعاف المركز الأداري الحكومي من الداخل وأفشال قوته الاجرائية التفاوضية والقضائية ( وهو عمل لجأت اليه قوى سياسية مُخربة ضد كل رؤوساء الوزارات العراقية السابقين منذ العهد الملكي).


أعلاء شأن قوى خارجية لدول محيطة بالعراق وتغليب مصالحها على مصالح العراق الوطنية بأنجرارها الى أحزاب البعث العلمانية والدينية والعشائرية وأنضمام بعضها الى فلول القاعدة وطالبان الى الدرجة التي أصبحتْ فيها بوقاً أعلامياً للممولين الأجانب.


وأقل ماأستطيع قوله هو أن القيادة العراقية الوطنية من شيعية وسنية وكردية تفهم تماماً الحملة الموجهة ضدها من قيادات مستهترة موجهة مذهبياً وعقائدياً من خارج حدودنا الأقليمية، كانت قد فرطتْ بسيادة العراق ومازالت تسعى الى تقسيم أهلنا بأسم الوطنية تارةً والدين الأسلامي تارةً أخرى، وخولتْ لنفسها الحديث عن الوطن وبيع كرامته الى حكومات دول أقليمية عربية وأسلامية.


لقد كان التأثير العاطفي والنفسي على البسطاء والشباب المغرر بهم مدمراً لثقة العراقيين بقدرتهم على حماية العراق من جيوب أجنبية تُغذى من محيطه العربي والأسلامي، وشوه هذا التأثير، تصرف الدولة في ملاحقة الأرهابيين واللصوص وتسليمهم الى القضاء، حيثُ لازال العديد منهم يجلسون في فنادق دول الجوار كواجهة للعمل التخريبي ويديرون مراكز عمليات تفجير وتقتيل، بأعترافات صريحة عن جرائم أرتكبوها ويفتخرون بها.


أن العالم غزير بأناس يعتاشون على الفقراء باسم الإسلام ويستخدمونه كواجهة للأستغلال والتهديد بغرض الوصول الى مواقع سياسية. وماتناقلته وسائل الأعلام مؤخراً عن أعتقال ابرز المطلوبين في جبهة مورو الاسلامية بجنوب الفيليبين منذ سلسلة الهجمات الدامية والحريق المتعمد واعتداءات بالقنابل، هو تأكيد أخر لما يجري في مخيلة البعض. فجبهة مورو الاسلامية هي مجموعة عصابات أستطاعت أعداد أكثر من 12 الف مقاتل، وتخوض حركة تمرد منذ 30 سنة مطالبة باقامة دولة اسلامية مستقلة.


بكلمة أخرى، أن الأتقياء المسلمين و خطباء الجوامع، بعد كل ما أتضح من أدوار شريرة للمتسترين بالأسلام وأستهتارهم بأرواح العامة، لن يقوموا بالدعوة مجدداً الى صراع داخلي ونهب ممتلكات الدولة و مؤسساتها والطعن بنظمها وقوانينها والتبشير بالمقاومة واليوم الموعود. أن الواجب الديني الأسلامي الواضح لكثير من الهيئات والمجالس الدينية هي نصح الأصوات الشاذة بالأبتعاد عن التحريض والدعوة المخلصة الى تبني منهج واضح لنبذ التناحر المذهبي، وتعميق الأخوة الأسلامية والمشاركة الواسعة في القرار وترسيخ الوحدة الوطنية ورعاية النظام الفيدرالي والتسابق الحضاري والعلمي مع الدول المتحضرة لأعادة الكرامة والثقة للعراقيين وممثليهم في مجلس النواب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك على الخبر

شاهد ايضا