728

الجمعة، 25 سبتمبر 2009

كاوست"..الحضارة الإسلامية "تشرق" مجددا بالسعودية


أحمد عبد السلام


حلم راود الملك عبدالله منذ 25 عاما
حلم راود الملك عبدالله منذ 25 عاما

بوضع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز يده على شاشة إلكترونية خط عليها عبارة "بسم الله وعلى بركة الله"، أضاءت منارة تتوسط جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية "كاوست"، في إشارة لافتتاح الجامعة رسميا وكرسالة عن بدء دورها كمنارة علمية إسلامية تشع النور للعالم.

تلك الرسالة أوضحها بشكل جلي العاهل السعودي في كلمته الافتتاحية، مؤكدا أن "الجامعة هي استمرار لما تميزت به الحضارة الإسلامية في تاريخها"، في إشارة منه لشروق شمس الحضارة الإسلامية من جديد.

وبدورهم تلقف 14 من زعماء الدول الإسلامية والعالم - كان يحضرون الحفل- الرسالة بالتصفيق والترحيب، مع ممثلين عن دول أخرى وعلماء من مختلف دول العالم ضمتهم جميعا خيمة تعد الأكبر في العالم.

وافتتح العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية رسميا مساء الأربعاء 23-9-2009 في احتفالية لم يسبق أن شهد التاريخ السعودي مثيلا لها.

وقال العاهل السعودي في كلمة بهذه المناسبة إن فكرة هذه الجامعة حلم راوده أكثر من 25 عاما، مشيرا إلى أن الجامعة هي استمرار لما تميزت به الحضارة الإسلامية في تاريخها، وقال: "لقد كان للحضارة الإسلامية في تاريخها دور عظيم في خدمة الحضارة الإنسانية بعد الله جل جلاله فقد أسهم علماء المسلمين في مجالات كثيرة".

وتابع: "لذلك كله فالجامعة التي نحتفل بافتتاحها لا تبدأ من الصفر فهي استمرار لما تميزت به حضارتنا في عصور ازدهارها، وهذا هو المعنى الأول للجامعة".

وبين كذلك أن العلم هو الوسيلة لنهضة الأمة الإسلامية قائلا: "لقد ارتبطت القوة عبر التاريخ بعد الله بالعلم، والأمة الإسلامية تعلم أنها لن تبلغها إلا إذا اعتمدت بعد الله على العلم، فالعلم والإيمان لا يمكن أن يكونا خصمين إلا في النفوس المريضة".

وبين أن الجامعة ستنضم إلى زميلاتها في كل مكان من العالم دارا للحكمة، ومنارة للتسامح.

دار الحكمة

وفي تأكيد -على ما يبدو- على أن الجامعة إعادة إحياء لدور الحضارة الإسلامية، تكررت عبارات الجامعة كـ"دار للحكمة" في كلمات الافتتاح.

وبدوره أكد رئيس جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية السنغافوري تشون فونغ ما ذهب إليه العاهل السعودي من أن "الجامعة ستكون بيتا جديدا للحكمة".

وتوقع تشون فونج شيه أن تحقق الجامعة بعد جيل واحد من الآن حلم العاهل السعودي بأن تكون ملتقى للعلوم والبحوث ومنارة من منارات المعرفة للأجيال المقبلة.

وبين أن الجامعة تهدف إلى اكتشاف المعرفة وتبادلها وتطبيقها وهي تجمع العلماء الرواد والواعدين من جميع أنحاء العالم لمتابعة تحصيلهم العلمي.

وتميز الاحتفال بانعكاس فكرة إنشاء الجامعة حيث اعتمد منظمو الحفل على الابتكار والإبداع، مؤكدين رؤية (بيت الحكمة) حيث اعتمد شعار "الإلهام طريق الاكتشاف".

فيلم وخطبة

وصنع القائمون على الحفل تميزا دعا الحاضرين إلى تصفيق حار ضجت به الخيمة الكبيرة، وتخللت الحفل أفلام وثائقية تجسد الهدف من إنشاء الجامعة، وكانت فاصلة بين خطب المتحدثين.

وبدأ الحفل بعرض فيلم قصير عن الجامعة وفكرتها من خلال شاشة هي الأضخم، ثم ألقى رئيس الجامعة تشون فونغ كلمته، ثم تم تقديم عرضا مصورا يحكي من خلاله عدد من طلاب الجامعة أسباب التحاقهم بالجامعة وطموحاتهم بعد التخرج لخدمة بلدانهم والعالم.

بعدها ألقى وزير البترول والثروة المعدنية ورئيس أمناء الجامعة المهندس علي بن إبراهيم النعيمي كلمة أكد فيها أن "الجامعة سيعم نفعها الإنسانية بأكملها مهما تباعدت مسافاتها واختلفت حضاراتها وثقافتها".

كما أكد أن كثيرا من الأبحاث التي تجريها الجامعة سيستفيد منها قطاع الصناعة والاستثمار السعودي بوصفه المؤثر الأكبر في العملية التنموية.

وتوقع النعيمي أن يشهد المستقبل أسماء سعودية وعالمية تخرج من ظلال جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية لتسهم بمجهوداتها ومنجزاتها العلمية الجديدة في تقدم العالم ورخائه ورغده.

ولاحظ الحاضرون فرحة النعيمي إلى درجة البكاء قبل النزول من المنصة، ثم تم عرض فيلم قصير بعنوان "رحلة المعرفة".

عقب ذلك، ألقى وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري كلمة أكد خلالها أن الجامعة ستمكن المملكة من استغلال جميع مصادر ثرواتها الحالية سعيا وراء هدف تعزيز هذه الثروات وإيجاد بدائل مستقبلية حقيقة تضمن الرغد والرفاهية لأجيال مملكتنا الغالية، بحد قوله.

بعد ذلك ألقيت قصيدة للشاعر الدكتور سعد عطية الغامدي قدمها مجموعة من طلاب وطالبات الجامعة، ثم صعد إلى منصة الحفل خمسون طفلا وطفلة من خمسين دولة يمثلون جنسيات الطلبة الملتحقين بالجامعة في الوقت الحاضر وهم يحملون أعلام بلدانهم.

إثر ذلك شاهد الحضور فيلما قصيرا قدم من خلاله طلبة الجامعة شكرهم وتقديرهم لخادم الحرمين الشريفين على رؤيته بإنشاء الجامعة.

ثم ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود كلمته، واختتمها بوضع يده على شاشة إلكترونية معلنا افتتاح الجامعة، فيما كان يصطف خلفه مجموعة من الموهوبين من مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين.

كما شاهد الحضور عرضا للألعاب النارية والليزر التي أضاءت سماء الحفل، وتلألأت معه مباني الجامعة في مشهد فريد.

14 زعيما

وحضر الحفل 14 من الملوك والرؤساء، من بينهم الرئيس التركي عبد الله جول، والرئيس واليمني علي عبد الله صالح، والسوري بشار الأسد، والصومالي شريف الشيخ أحمد، والسوداني عمر البشير.

إضافة إلى ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، والعاهل الأردني عبد الله الثاني، والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت، وتوانكو ميزان زين العابدين ملك ماليزيا، ومحمد ظل الرحمن رئيس بنجلاديش، وإسماعيل عمر جيله رئيس جيبوتي، والرئيس الموريتاني الجنرال محمد ولد عبد العزيز، والحاج عمر موسى يارادوا رئيس نيجيريا، والرئيسة جلوريا مكابجال ارويو رئيسة جمهورية الفلبين، فضلا عن رئيس حكومة تصريف الأعمال ممثل الرئيس اللبناني فؤاد السنيورة، وكذلك ممثلون عن عدد من دول العالم.

ويتضمن الحفل الذي يستمر على مدى يومين عقد ندوة اليوم الخميس بمناسبة الافتتاح بعنوان "الاستدامة في عالم متغير".

وبدأ الحفل في أكبر خيمة في العالم على مساحة مليوني متر، وتتألف من 3 أقسام: المعرض الذي يتضمن المركز الإعلامي، ومسرح الحفل، وصالة طعام، وتتسع الخيمة لـ5 آلاف ضيف.

وتنافست أكثر من 100 وسيلة إعلامية محلية وعالمية على تغطية حفل الافتتاح.

أول جامعة مختلطة

وقد أطلقت الشرارة الأولى لإضاءة شعلة الجامعة عندما أعلن الملك عبد الله عنها خلال زيارته لمدينة الطائف في 22 يوليو 2006 واصفا إياها بمشروع المستقبل، وفي 21 أكتوبر 2007 وضع الملك حجر الأساس للجامعة، وأعلن عن إقامة وقف يكون ريعه للإنفاق على الجامعة، ويقدر هذا الوقف بـ10 مليارات ريال سعودي (2.7 مليار دولار تقريبا).

وتقع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في ثول بالسعودية، ويشغل الحرم الجامعي مساحة 16 كيلومترًا مربعًا على البر ومساحة 20 كيلومترًا مربعًا أخرى من المحميات البحرية في البحر الأحمر، وثول هي بلدة صغيرة في منطقة مكة المكرمة تقع على بعد حوالي 80 كيلومترًا إلى الشمال من مدينة جدة.

وتعد أول جامعة في المملكة يسمح فيها باختلاط الجنسين الممنوع أصلا في السعودية، كما ستتمكن المرأة من قيادة السيارات داخل حرم الجامعة، ولكن لم يعرف بعد ما إذا كان سيسمح بإنشاء دور عبادة للأجانب العاملين والدارسين بالجامعة ويدينون بديانات غير الإسلام.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك على الخبر

شاهد ايضا