728

الاثنين، 12 أكتوبر 2009

هل تكون أفغانستان آخر حروب أميركا؟



ماكريستال قدم وصفة من عناصر عديدة للقضاء على المسلحين بأفغانستان (الفرنسية-أرشيف)

يتناول الكاتب روبرت هاديك المأزق الذي تواجهه الولايات المتحدة في أفغانستان، ويعتبر -في مقال له في فورين بوليسي- أن الولايات المتحدة واجهت أزمة متفاقمة بأفغانستان خلال صيف هذا العام، الأمر الذي دفع بصناع السياسة إلى مراجعة افتراضاتهم السابقة.

ووفقا لهاديك فإنه يبدو أن الرئيس باراك أوباما وفريقه قد استخلصوا من تقرير الجنرال ستانلي ماكريستال لقادته المدنيين "حول تعثر الحملة لمحاربة التمرد" بأنه سيكون من الصعب وغير العملي تنفيذ الحملة الأميركية في أفغانستان بنجاح.

وبهذا يكون تقييم ماكريستال الذي تأخر كثيرا عن موعده قد دفع بغير قصد بالعقيدة العسكرية الأميركية لمحاربة التمرد إلى سلة المهملات.

ويمضي هاديك بالقول إن تقرير ماكريستال كان صادقا بشكل قوي فيما يتعلق بالمشاكل في أفغانستان، حيث وصف قائمة طويلة من المشاكل التي تواجه مؤسسته العسكرية وكيف أن القوات الأميركية ومعها قوات الحلفاء فشلت في القيام بواجباتها الأساسية "لمحاربة التمرد" إضافة إلى الفساد في الحكومة الأفغانية، والحاجة لمزيد من الموارد.

وبذلك يكون ماكريستال -حسب هاديك- قد قام بواجبه تجاه قادته المدنيين على الوجه الأكمل "ولكنه نقل المسؤولية عن اتخاذ القرارات الأساسية بخصوص السياسة الحربية إلى حيث يجب أن تكون وهو المكتب البيضاوي بالتحديد".



"
على الولايات المتحدة انتخاب رئيس أفغاني شرعي والقضاء على الفساد وتعليم جنودها اللغة الأفغانية وتكسب ثقة السكان وتزيد من حجم ونوعية قواتها بأفغانستان
"
مشاكل مستفحلة
ويحدد تقرير ماكريستال ما يجب تغييره في أفغانستان من أجل زيادة مقومات واحتمالات النجاح, ومع ذلك فإنه -وفقا هاديك- لا القوات الأميركية ولا أي من باقي أعضاء الحكومة يراوده الأمل في عمل الكثير بخصوص تلك المشاكل قبل فوات الأوان.

والمشاكل التي تواجه الولايات المتحدة في أفغانستان، وفقا لماكريستال هي الحاجة لانتخاب رئيس أفغاني "يعتبر شرعيا في نظر كل من الأفغان والأميركيين" والقضاء على الفساد وعدم الكفاءة في الحكم الأفغاني على المستويين القومي والمحلي، وافتقار الجنود الأميركيين إلى الدراية باللغات الأفغانية، وعجز القوات الأميركية عن كسب الثقة والمصداقية في أوساط السكان، وصعوبة زيادة حجم ونوعية القوات الأمنية الأفغانية، والحاجة إلى تشتيت وإرباك ملاذات حركة طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان، والحاجة إلى تقبل كل من الولايات المتحدة ودول الناتو لارتفاع معدل الإصابات بين قواتها على المدى المتوسط.

كما يطالب ماكريستال باتخاذ زمام المبادرة ضد طالبان خلال الأشهر الاثني عشر القادمة, ومن الناحية النظرية فإن حملة مستمرة ضد المسلحين يمكنها تحسين الوضع تدريجيا في المناطق المضطربة, لكنه سيكون من المرجح جدا بالنسبة للدوائر السياسية في واشنطن أن يكون الأوان قد فات بخصوص الاستمرار في توفير المجهود المطلوب.

ويستطرد هاديك قائلا إن من المرجح أن يخلص أوباما وفريق عمله إلى استنتاج مفاده أن الحملة ضد المسلحين التي يطالب بها ماكريستال في تقريره غير عملية ويجب استبعادها كخيار.



"
ماكريستال قام بواجبه على الوجه الأكمل، رغم ما قد يثيره تقريره من شقاق وخصام في واشنطن
"
روبرت هاديك
تداعيات التقرير
وإن كان تقرير ماكريستال يسلط الأضواء على الأمور لترى كما هي في واشنطن، فإنه يكون قد قام بواجبه على الوجه الأكمل، رغم ما قد يثيره تقريره من شقاق وخصام في واشنطن "ولكن التاريخ سيخلد ذكرى ماكريستال ويثني عليه بالخير".

ويرى هاديك أن "التخلي عن إستراتيجية محاربة التمرد في أفغانستان سيعني أن تقرير ماكريستال قد وجه من غير قصد ضربة قاتلة لعقيدة محاربة التمرد الغربية" موضحا أنه سيكون من الصعب على أي كان أن يوصي جديا بشن حملة "لمحاربة التمرد" في أي مكان آخر بعدما تم التخلي عنها في أفغانستان، "وسيكون ماكريستال آخر قادة حملات محاربة التمرد الأميركيين إلى أمد طويل" وسيكون على الولايات المتحدة مواجهة حقبة طويلة من الحرب غير النظامية "وهي بحاجة إلى عقيدة عسكرية وبسرعة لمواجهة تلك الحقبة".

ويخلص هاديك إلى أن النجاح في أفغانستان يتطلب "إقناع السكان البسطاء بدعم الحكومة الشرعية والتوقف عن دعم التمرد" وهو ما لن يقوموا به ما لم يعتقدوا بشكل قاطع أن الحكومة الأفغانية والولايات المتحدة ملتزمون بالكامل بالمهمة ويستمرون في مهمتهم مهما كلفهم ذلك من ثمن "إلى حين تحقيق الانتصار الكامل".

ويضيف أن أي إستراتيجية تجاه محاربة المسلحين لن يكون لها سوى فرصة ضئيلة للنجاح ما لم يقنع الرئيس ومساعده الأفغان بأنهم ملتزمون بإنجاز المهمة بالكامل أيا كانت المدة أو التكاليف، وهي رسالة قد لا تروق للكثير من الديمقراطيين والعديد من عامة الشعب الأميركي، لافتا إلى أن الخيار الأسوأ المحتمل هو التزام فاتر مؤقت بحملة لمدة تتراوح من 12 و18 شهرا، وهي إستراتيجية متناقضة وسيؤدي فشلها إلى خسارة هيبة واحترام كل من القوات الأميركية والرئيس أوباما.

هاديك انتقد أوباما بشدة لإبدائه مرونة حيال الأوضاع بأفغانستان (الفرنسية-أرشيف)
إمكانية الانسحاب
ويستطرد هاديك قائلا إنه مما يدعو للأسف أن كلا من الرئيس أوباما وكبار المسؤولين قد تنكبوا جادة الصواب عندما تحدثوا عن إمكانية الانسحاب، وكانت ملاحظاتهم تهدف إلى الإظهار للمشاهدين الأميركيين مدى ما يتحلون به من واقعية ومرونة وعقل متنور مفتوح.

ويقول هاديك إنه سبق له مناقشة التأثيرات الضارة لشكوك وزير الدفاع الصريحة، وفي مقابلة مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في برنامج ساعة إخبارية، بدت الأخيرة فخورة بما تتمتع به من مرونة وعفوية حول الطريقة التي سيستقبل بها السكان الأفغان ملاحظاتها حينما قالت "أنا أثمن أننا لم نأت ولدينا أية افتراضات عقائدية مسبقة كما أننا لم نأت ونحن أسرى الماضي وما نحاول عمله نحن في هذه الإدارة هو فرز كافة العناصر المختلفة واتخاذ قرار وفقا لأفضل المعلومات التي نمتلكها وبمجرد قيامنا بذلك سنمضي به قدما ولا نقول حسنا, سننفذ ذلك خلال السنوات الخمس القادمة".

ووفقا لصاحب المقال فقد عبر أوباما يوم العشرين من سبتمبر/ أيلول عن التزامه بالمرونة حينما قال "أنا مقتنع أن لدينا الإستراتيجية الصحيحة ولن أرسل المزيد من الشباب والشابات الأميركيين إلى هناك" وهي تصريحات كان لها وقع طيب على الأميركيين، وبحسب هاديك لم تقابل بمثل هذا الترحاب في أوساط الأفغان كما أن أوباما قال في برنامج واجه الصحافة في قناة أن بي سي إنه "إذا كان توسيع إستراتيجية محاربة التمرد في أفغانستان ستساهم في هزيمة القاعدة, عندها سنمضي بها قدما, وبخلاف ذلك فأنا لست معنيا بالبقاء في أفغانستان لمجرد البقاء هناك أو حفظ ماء الوجه عن طريق إرسال رسالة مفادها أن الولايات المتحدة هنا من أجل الاستمرار في البقاء إلى أمد طويل" .

ويضيف أنه من غير الممكن لأوباما أن يكون ملتزما تجاه الشعب الأفغاني وفي نفس الوقت يبقى واقعيا وعمليا مع مؤسساته الداخلية. ولذلك فإن عليه اختيار طريق واحد منهما.

المصدر: الجزيرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك على الخبر

شاهد ايضا