728

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2009

السعودية تحدد ضوابط بيع الأسلحة ومخاوف من إساءة الاستخدام



أعلنت وزارة الداخلية السعودية السبت أنها تنوي فتح الباب أما الترخيص لفتح محال لبيع الأسلحة النارية الفردية وذخيرتها والحصول عليها بالطرق النظامية ودعت من لديه الرغبة في مزاولة هذا النشاط مراجعة شرط المناطق وتعبئة نموذج طلب إصدار رخصة محل بيع أسلحة ناريةـ مع ملاحظة أنه لا يحق للحاصل على الرخصة التنازل عنها للغير إلا بعد موافقة وزارة الداخلية.

الرياض : "بهذه الطريقة يصبح الإنسان قادراً على حماية نفسه والدفاع عن أسرته وممتلكاته بطريقة آمنة ومرخصة وتحت إشراف الجهات الرسمية " : بمثل هذه العبارة استقبل المرحبون قرار وزارة الداخلية السعودية بفتح محلات بيع الأسلحة النارية الفردية وفقا للعديد من الضوابط التي حددتها والتي وصفت بأنها في حقيقتها إعادة تنظيم لسوق الأسلحة النارية الفردية التي تباع في الخفاء ويتم تداولها في ظل السوق السوداء وتطويقاُ للمخالفات الفردية في اقتناء هذه الأسلحة من مصدرها الرئيسي من خلال عمليات التهريب عبر الحدود من دول عديدة أبرزها اليمن .
وإذا كان هذا القرار يأتي في أجندة الداخلية السعودية بعد سنوات طرحت خلالها فرصاً للترخيص أمام المالكين لها من خلال تسجليها عبر إمارات المناطق فإن الخطوة الأخيرة تعتبر منعطفاً هاماً لا شك أنه صدر بعد دراسة متأنية ، وإن كانت ردود الأفعال سواء على مستوى الإعلام أو الشارع السعودي جاءت حذرة وأكثرها مرحبة ، والفئة الأخيرة هي التي ترى في ذلك فرصة لحماية نفسها بعد تصاعد ملحوظ في مستوى الجريمة والاعتداءات الفردية دون النسب المقلقة في بلد يعتبر الأمن ركيزة أساسية ومن أهم ما يعرف به وتحرص عليه قيادته .

- القرار ..هل يغلق المنافذ والثغرات ؟ " :

وعلى خلفيات القرار المتوقعة وهي أنه يهدف أيضا إلى تطويق محاولات التهريب التي تدر ثروات هائلة على من يقف خلفها ويبيعها بأموال طائلة في ظل رغبة الكثير في اقتناء الأسلحة الشخصية على سبيل الحماية . وفي ظل التوقعات بأن القرار سيقطع الطريق على التهريب ، بفتحه قناة نظامية ومرخصة ، وأيضا يسهل من خلال التسجيل كشف بعض الجرائم التي تبقى دون إضاءات ترشد إليها.

يذكر أن حملات الضبط للتهريب وخصوصا المخدرات والأسلحة النارية تكاد تكون يومية في المناطق الحدودية وبالذات جنوب السعودية حيث تنشط عن طريق اليمن، وغالبا ما تقوم قطاعات الأمن العام مثل حرس الحدود و"المجاهدون" و"أمن الطرق" والعديد من القطاعات المندرجة تحت مظلة "الداخلية" بضبط شبه يومي لذلك وبكميات تعتبر غير عادية وغالبيتها أسلحة نارية للأفراد وذخائر متنوعة .وفي الآونة الأخيرة ومع تنامي محاولات تنظيم القاعدة المتطرف الانطلاق من قواعده في اليمن أصبحت مشكلة تهريب الأسلحة مضاعفة في ظل ترجيح استخدامها لهذه الأسلحة أو تمريرها لأعضاء في الداخل من خلال التهريب .

ومن جانب آخر يتعلق بنواحي مجتمعية وعادات وتقاليد مختلفة فإنه من المعروف في مناطق عديدة في السعودية وخصوصا الجبلية في الجنوب تعتبر بعض القبائل اقتناء السلاح أمراً مهماً وليس من السهل التساهل فيه وفي ظل وجود هذه الأسلحة والكثير منها غير مرخص تبقى الحاجة للقرار لتنظيم عملية الترخيص ولو على الأقل في الاقتناء المستقبلي . جدير بالذكر أن السعودية سبق لها أن انضمت إلى «بروتوكول» مكافحة صنع الأسلحة النارية وأجزائها ومكوناتها والذخيرة والاتجار بها بصورة غير مشروعة ، المكمل لاتفاق الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة .

- الضوابط .. لغة أسهل :

"الداخلية السعودية" لم تضع الكثير من القيود أمام الراغبين في الاستثمار في هذا المجال حيث اشترطت أن يحصر المجال في مبيعات الأسلحة الفردية وذخيرتها والتي يتم الحصول عليها " بالطرق النظامية " ، مؤكدة على من لديه الرغبة في مزاولة هذا النشاط مراجعة شرط المناطق وتعبئة نموذج طلب إصدار رخصة محل بيع أسلحة نارية خلال ستين يوماً من تاريخ نشر هذا الإعلان مع ملاحظة أنه لا يحق للحاصل على الرخصة التنازل عنها للغير إلا بعد موافقة وزارة الداخلية . كما اشترطت ألا يقل عمر طالب الترخيص عن 25 عاماً و أن يكون خالياً من السوابق الجنائية والأمنية و أن يكون لديه سجل تجاري ساري المفعول و أن يقدم ضمان بنكي بمبلغ خمسمائة ألف ريال .

ووفقا للمتابعين فإن باستثناء الضمان البنكي فإن الشروط جميعها ميسرة وسهلة ، وإن كان الضمان البنكي معمول في العديد من مجالات الاستثمار الأخرى المتاحة أمام المواطن السعودي ، وهي هنا قد لا تقف عائقا أمام مجال استثماري جديد مغري بالانخراط فيه . كما أن القرار لم يستثن النساء السعوديات من الاستفادة منه وهو ما يعزز جوانب حماية ربما هي في أمس الحاجة إليها .

- القرار بين التأييد الحذر ، والرفض المتشائم :

الشارع السعودي في غالبه ومن خلال استقبال القرار تفاوتت ردة الفعل فما بين مرحب حذر ، ورافض متشائم . والفئة الأولى يرون أنها خطوة كانت مرتقبة ومهمة جدا في ظل تزايد حالات الاعتداء الشخصي ومظاهر الجريمة الأخرى مثل الاغتصاب والابتزاز وغيرها من الأمور التي طفت على السطح مؤخراً .

ويرى طرف آخر من المؤيدين أيضا أن القرار " سيجعل المجرم يحسب ألف حساب قبل الاعتداء على المنازل والأموال والممتلكات أو قبل استيقاف الآخرين بقصد السلب والسرقة في الشوارع أو الأماكن العامة أو خطوط السفر السريعة وغيرها ." بالإضافة إلى أن الأسلحة أصلا موجودة مع شرائح كثيرة وأن المطلوب مع القرار الأخير هو أن تكون الضوابط صارمة في التطبيق وحازمة بشكل يضمن عدم العبث أو إساءة الاستخدام .

وبالمقابل وقف المعارضون يستشهدون بالعديد مما وصف بـ " الكوارث المجتمعية" التي تكرر حدوثها بسب اقتناء الأسلحة النارية والتي تم استخدامها لأتفه الأسباب أو أسيء استخدامها في الأفراح والمناسبات لتنتج عنها مآسي مفجعة . وهي أمور لم تحدث فقط على النطاق الفردي بل وبشكل جماعي مخيف .
المعارضون أيضا يرون أنه من الأفضل أخذ العبرة من دول الغرب التي تعاني " من تفشي محالات الأسلحة مما تسبب في كثرة الجرائم والقتل من دون سبب " ، " علينا الاعتبار أيضا من تلك الدول التي مازالت تعاني من السلاح السائب في يد من يسيء استخدامه وخصوصا في ظل بقاء بعض العادات المجتمعية مثل الثار وجرائم الشرف التي بدأت تظهر مؤخراً ومآسي الأعراس ". كما أن هؤلاء يشككون في قدرة الضوابط على الصمود أو التطبيق الجيد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك على الخبر

شاهد ايضا