728

الأحد، 27 سبتمبر 2009

كاتب سعودي يصف الحصول على ترخيص لصحيفة جديدة بـ "المعجزة"!


يرى أحد الكتاب السعوديين أن صعود مواطن إلى سطح القمر أو أي كوكب أخر، أسهل من الحصول على ترخيص لصحيفة جديدة، كما يصفها بالمعجزة. جاء هذا الوصف المبالغ فيه في تعليق من الكاتب عبد الرحمن الأنصاري على صعوبة الحصول على تراخيص لصحف جديدة في السعودية.

ولم يكتفِ الأنصاري بهذا الوصف، بل زاد لينتقد معايير الإعلام التي كانت تمنع بعض السعوديين من الظهور في وسائل الإعلام الرسمية، بينما أصبح هؤلاء يمتلكون قنوات فضائية، وتتسابق الصحف لنشر إبداعاتهم الفكرية والأدبية.
كما شبه الإعلام بـ"القلعة العسكرية" في إشارة منه إلى أنه غير استقلالي ويعاني من التدخلات، وخلص للقول: "وذلك ما يُذكّرنا بما كان بالأمس القريب في بلادنا، يوم كان إعلامه يُدار من قبل عقول لا صلة لها بالإعلام جملة وتفصيلا".
القاهرة: حديث عبد الرحمن الانصاري جاء في صفحته عبر موقع التواصل الاجتماعي" الفايس بوك"، ليأتي الرد سريعا من وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة، الذي كتب عدة ردود في صفحة الانصاري، ونلخصها كالتالي:
1- نخشى إذا صدرت تصاريح لصحف جديدة أن تتكرر معاناة بعض الصحف والتي نسعى جاهدين مع ملاكها لحل أزماتها المالية والإدارية( في إشارة للوضع الذي تمر به صحيفتي البلاد والندوة).
2- هل يمكن اليوم يا عزيزي أن تسيطر على مئات الفضائيات وآلاف المواقع الالكترونية، خاصة وأن مكانة هذه الوسائل الحديثة أصبحت أكثر وأكبر تأثيرا من الصحافة الورقية التي تواجه تحديات حقيقية تهدد وجودها المستقبلي، خاصة لو لاحظنا تأثير الأزمة العالمية على كبريات المطبوعات في الشرق والغرب، والدراسات الجادة التي تشير إلى إقبال الشباب على الصحافة الإلكترونية والمدونات.
3- لم أصرح أنا ولم يصرح أحد الأخوة الكرام من فريق العمل في الوزارة، أننا ضد قيام صحف جديدة بالمطلق، ولكنني سبق وصرحت، أن الطلبات التي وصلتنا تخضع لدراسة متأنية ومسؤولة، حتى لا تتكرر معاناة بعض الصحف القائمة اليوم.
4- معايير هذه الدراسة المتأنية تعتمد على : توفر الشروط المتعارف عليها، الحفاظ على القيم المهنية بالتوازي مع الجدوى الربحية التي ستوفر لأبناء المهنة فرص عمل جديدة أو أسباب حياة كريمة، مصلحة وخدمة القارئ أو المتلقي في المملكة، مواكبة التطور في الحقل المهني وتحقيق التنوع فيه، حاجة التطور الإعلامي في المملكة
إيلاف، وبعد أن تابعت عن كثب النقاش الذي دار بين الانصاري ووزير الإعلام، توجهت بعدة أسئلة للأنصاري لتقترب اكثر من وجهة نظره في قضية يراها الكثيرون محل تساؤل دائم بين أوساط المثقفين والإعلاميين.
* ما الذي يجعلك تعتقد أن الفترة الحالية تتطلب وجود عدد إضافي من الصحف الورقية، خصوصا وان الوزير خوجة قال في رده عليك أن السعودية تفتقد لوفرة الإعلاميين،، ما رأيك؟
* الأنصاري: مما لا ريب فيه أنّ المستقبل الصحفي إنما هو للصحافة الإلكترونية، وأنّ الصحافة الورقية آيلة إلى التآكل التدريجي إلى أن تصير صفحة من صفحات التاريخ التي ستكون الصحافة الإلكترونية هي من سيكتبها.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: متى ذلك ؟ والإجابة تحددها جملة من العوامل التي يأتي في مقدمتها عاملان رئيسيان وهما : تقليص الأمية في المجتمع وبخاصة التقنية الإلكترونية، والعامل الآخر: توفّر الإنترنت في بلادنا وسهولة الحصول عليه بمثل السهولة التي يحصل بها الشخص العادي الآن على الصحيفة الورقية من المكتبة أو البقالة، وكلا المطلبين وإن لم يكن مُتحقّقاً على ما نشاهد ونُعايش، إلاّ إنه ليس بمحال على عجلة تسارع الزمن، والتطور المضطرد الذي يشهده العالم اليوم من حولنا ، وقد أصبحنا جزءا لا يتجزأ منه.
ولا أظنّك أخي فهد، مع يقينك بحصول ذلك مستقبلا، توافق على أن نُرجئ أية مطالب لما يخص الصحافة الورقية، إلى أن تشهد بلادنا آخر أمي فيها، وإلى أن تكون خدمات الإنترنت في بلادنا متاحة بمثل إتاحتها لليابانيين على سبيل المثال.
أن ما يعزز ذلك الاعتقاد لديّ بوجوب وجود صحة جديدة إنما هو جملة من الأمور، يأتي في مقدمتها : الطلبات المقدمة من أصحابها أنفسهم من اجل تلك التراخيص لتلك الصحف، ولا أظن أن أي طلب من تلك الطلبات يخلو من الدراسة المبررة للطلب بما في ذلك دراسة الجدوى .. فضلا عن ما هو معلوم بداهة، من أنك إذا مُنعتَ من شيء تقوم حاجتك إليه فإنّ غريزة البقاء، ستحملك حملاً على اختراع البديل لذلك الذي حُرمتَ منه بغض النظر عن مناسبته من عدمها .. والبدائل لتلك الصحف التي رُفض السماح لها بمشروعية الوجود حتى الآن، مشاهد من خلال المطبوعات الدورية التي نراها تختص بمعظم القبائل، والمواقع الإلكترونية المكرّسة للانغلاق، بين أفراد المجتمع الواحد وصرف جُلّ الولاء للقبيلة بدلا من الكيان والدولة... وقد عشتُ فترة من حياتي في الولايات المتحدة، ولم أر مدينة أو قرية، أو جامعة من الجامعات إلاّ ولها صحيفة باسمها أو أكثر.. والحديث اليوم ليس هو عن المدن والقرى في بلادنا التي ليس بها صحف خاصة بها، وإنما هو عن المناطق المحرومة عن صدور تلك الصحف بها..
أما أن يكون عدم وفرة الإعلاميين السعوديين هو السبب والمبرر في عد إعطاء تراخيص لصحف جديدة ن فجوابي عليه هو أنه مع احترامي وتقديري لمعالي الوزير الدكتور خوجه المؤمن الإيمان المطلق بأن الاختلاف في الرأي لا يُفسد للود قضيّة، فإنّي أرى عكس رأيه في ذلك تماما، وأعتقد جازما عن يقين ومعايشة، أنّ الإعلاميين السعوديين هم من أكفأ نظرائهم في الدول العربية قاطبة، وأنهم لا يحتاجون لإثبات تلك الكفاءة والمقدرة والمهنية، إلاّ أن يُمنحوا التشجيع والفرص المناسبة، والبرهان على ذلك أنه ما من إعلامي سعودي، يُغادر موقعه بسبب عدم إتاحة الفرصة المواتية له بحجة التشكيك في قدراته وإمكانياته، إلا ونراه نجما ساطعا في سماء الجهات غير السعودية التي أتاحت له كافة الفرص ، وفتحت أبواب النجاح التي كان مثلها مُغلقا أمامه في بلاده ... وأعرف اليوم العشرات من الإعلاميين السعوديين، الذين تجاوزوا مراحل التجربة ، لنجاحاتهم السابقة والمعهودة، ومع ذلك فهم قابعون الآن في الظلّ، مُهدرة قدراتهم وإمكانياتهم ، بسبب تلك النظرة العتيقة التي أكل عليها الدهر وشرب وهي الزعم بأن السعودي لا يصلح لشيء.. وإني لأعجب من استمرارية تلك النظرة وبخاصة فيما يتصل بالإعلام، ونحن نشهد كل يوم جامعات جديدة تُنشأ ، ومدنا صناعية تُستحدث .. فلو كان التشكيك في قدرات ومؤهلات السعوديين في إدارة تلك المصانع وتلك الجامعات، سياسة حكيمة، لأرجأنا التفكير في إنشاء المدن الصناعية وافتتاح الجامعات الجديدة، إلى أن يترسّخ الاقتناع بالثقة في كفاءة السعوديين الذين سيديرونها.. مثلما يترسّخ الاعتقاد الآن بإرجاء منح التراخيص للصحف والمطبوعات الجديدة في بلادنا ، إلى أن يُوجد المؤهلون القادرون على إدارتها والنهوض بأمرها.
* حسناً .. لو كنت وزيرا للإعلام،، كم الوقت الذي تحتاجه لتقييم الطلبات المقدمة، والرد عليها إما بالموافقة أو الرفض؟
الأنصاري: لا أعتقد أنه سيزيد عن مدّة دوام يوم عمل واحد من أيام الأسبوع.. فكوني وزير إعلام، يَفْترض فِيَّ أن أكون على إلمام مسبق بالاحتياجات التي تستدعي وجود صحف جديدة في بلادي.
* ماهي المجالات التي ترى أن الإعلام السعودي لا يغطيها بشكل جيد،، وتتطلب وجود صحف جديدة؟
الأنصاري: الجواب هو: أن نسأل أنفسنا عن المجالات التي يُعتبر الإعلام السعودي قاصرا في تغطيتها، فيما يخص الجامعات، وتستدعي من تلك الجامعات إيجاد صحف جديدة وخاصة بكل جامعة من تلك الجامعات .. الجواب معروف ببداهة وهو أن الأعلام السعودي مهما أُوتي من المقدرة، لا يمكنه أن يُعبّر عن الجامعة وشؤونها وشجون منسوبيها، مثلما تُعبّر هي عن ذلك من خلال صحيفتها الخاصة بها، أو وسيلتها الإعلامية التي تقوم بذلك .. وكذلك الحال بالنسبة لمواطني مناطق المملكة الذين لا توجد لديهم صحف خاصة بهم، فلماذا نُلجيء مواطنا في تبوك، أو الحدود الشمالية، أو نجران لنشره إعلانه في جريدة تصدر في الرياض أو جدة أو الدمام ، لكي يحصل على شقة سكنية في مدينته.. أوليس من الأفضل نشر مثل ذلك الإعلان في نفس جريدته اليومية التي تصدر في مدينته أو منطقته..؟
وليس ذلك فحسب ، بل هنالك أمر آخر يتعلق بتدريب أبناء تلك المناطق وتأهيلهم للعمل الصحفي والإعلامي الذي سيكون من الأفضل أن يُتاح لهم عن قرب من خلال الجرائد التي تصدر لديهم ، بدلا من ممارسة ذلك عن بعد وعبر مراسلة وسائل إعلامية أخرى تصدر خارج مناطقهم.. وليس ذلك هو كل شيء..
* أليس غريبا أن تطالب بمنح تراخيص لصحف ورقية،، بينما العالم كله يتوجه حاليا للانترنت والصحافة الالكترونية؟
الأنصاري: فعوداً على بدء ، أوكّد على أن المستقبل إنما هو للإنترنت والصحف الإلكترونية، ولكن ذلك يحتاج منا تجاوز عقبتين كأداء، إحداهما : الأمية الإلكترونية أو التقنية، التي لم يسلم منها حتى بعض المتعلمين .. والأخرى: جعل الإنترنت ميسورا بما يفوق الواقع المعاش بمراحل.
على أنّ المسألة، ليست هي مسألة " صحف ورقية " أو " صحف الكترونية ".. فالمسألة إنما هي مسألة الحصول على العجزة المسماة ب( الترخيص)... فالمطالبة إنما هي بجعل تلك العجزة ميسورة، فإذا حان الوقت الذي تتحول الصحف الورقية إلى صحف الكترونية، فإن ذلك سيكون انتقالا طبيعيا من وضعي شكلي إلى وضع شكلي آخر، لا علاقة له بالجوهر وهو : ما يُنشر .. وسيكون الحال عندئذ كحال البثّ التلفزيوني في بلادنا ، الذي كان على نظاميْ ( سكام وبال ) الفرنسيين، ثم تحول بعد ذلك إلى أنظمة لا أحد يعرف ما هي، بل ولا أحد يسأل عنها .. لأن تطلع الناس إنما هو لما يُعرض، وليس للكيفية التي يُعرض بها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك على الخبر

شاهد ايضا