728

الجمعة، 21 أغسطس 2009

الذهبي والوزراء يستجمون والأزمات تكبر رويدًا رويدًا

عامر الحنتولي من الكويت: يمكن القول بلا مقدمات إن إرتباك الأداء الحكومي في الأردن الحاصل منذ نحو شهرين، أفقد على نحو أو أكثر رئيس الوزارة الأردنية المهندس نادر الذهبي فرصة ذهبية كانت تلوح في الأفق يحتفظ بموجبها برئاسة الوزارة، لكن تمنحه الفرصة في الوقت نفسه تقديم طبعة أخرى من الفريق الوزاري. غير أنّ الأزمات السياسيّة والإقتصادية التي تكبر رويدًا رويدًا منذ أسابيع في الأردن، من شأنها أن تكون الحبل الذي أخذ يلتف حول رقبة وزارة الذهبي التي جرى تشكيلها للمرة الأولى في أواخر شهر نوفمبر/ تشرين ثاني من العام 2007، قبل أن تخضع لتعديل أولي لم يضف عليها نكهة سياسية من أي نوع. إذ ساهم هذا التعديل في إظهار الذهبي بأنه لا يتمتع بأي قدرات سياسية، علمًا أنه إداري كفوء، ومن طراز رفيع، لكن التعديل الثاني على وزارته كان إضطراريًا، إذ حل أحد أعضاء الفريق الوزاري مكان وزير قرر فجأة الإنسحاب من الحلبة الحكومية، علمًا أن إستقالة وزير التربية والتعليم الدكتور تيسير النعيمي قبل نحو شهرين ظلت بلا أسباب مقنعة حتى اللحظة، وسط تأويلات شتى.

نادر الذهبي

ومما زاد من نقمة المراجع العليا، والشارع السياسي، والأدوات الإعلامية على الذهبي هو إصطحابه أسرته لقضاء إجازة صيفية في ربوع الريف التركي، من دون أي إلتفاتة من رئيس الوزارة الأردنية الى حجم الأعباء التي يجابهها الأردن في شؤون كثيرة أبرزها التحدي الإقتصادي الداخلي الذي أرهق دخل الأردنيين بضراوة على أبواب شهر رمضان المبارك. إذ إن أسعار المواد الغذائية الأساسية التي لا غنى للموائد الأردنية عنها، إرتفعت فجأة وبلا مقدمات وسط إرتباك حكومي لافت، وفي ظل إتهامات توجت إلى أحد أقارب الذهبي بأنه وقع عقدًا مع الحكومة مخالفًا للقوانين كي يزود الأسواق الأردنية بموجبه بالمواد والسلع الأساسية، لكن نائبًا في البرلمان الأردني يؤكد لوسائل إعلام أردنية أن صهر رئيس الوزراء هو المسؤول عن موجة الغلاء الأخيرة، على اعتبار أنه احتكر تزويد السوق بالمواد والسلع الأساسية، وهي إتهامات ربما تطال في مرحلة لاحقة ذمة الرئيس المالية، حتى وإن لم يكن الأخير متورطًا، لكن السؤال الإفتراضي الذي يندلع في المشهد الأردني هو عما إذا كان السفر لقضاء إجازة هو الحل الأمثل لمجابهة الإتهامات الموجهة إلى صهر الرئيس، لكن حتى الآن لا تصدر أي إجابات أو توضيحات من جانب الحكومة أو رئيسها.

يقول مسؤول أردني رفيع لـ"إيلاف": إجازة الذهبي محيرة جدًا، وغير مفهومة أبدًا فالرئيس طلب من فريقه الإستشاري تسريب معلومة إلى وسائل إعلام محلية بأن إجازته تمت بعد إستئذان القصر الملكي، علمًا ألا الذهبي قدم ذلك الإستئذان، ولا القصر منح ذلك الإذن. إذ إن المقصود من هذه الخطوة – كما يؤكد المسؤول الأردني- هو إحراج القصر الملكي الذي ستكون له وقفة مع ما إقترفه الذهبي قريبًا، فالرجل لم يذهب الى مهمة رسمية لا يمكن تأجيلها، ولا ممثلاً للعاهل الأردني الى مؤتمر يصعب على الأردن الغياب عنه، بل ذهب الى رحلة إستجمام بمعية أسرته، كما أنه لم يرجئ تلك الزيارة أيامًا قليلة لتنتهي عاصفة أسعار المواد الغذائية على شهر الصيام، بل إختار موعدًا لسفره بعد سفر العاهل الأردني بساعات قليلة، وهو توقيت غير بريء البتة، لكنه ربما يتم تفسيره لاحقًا من أن الذهبي يريد أن يعطي العاهل الأردني المجال واسعًا حال عودته أن يقيل وزارته، وأن يجري مشاوراته كما يجب مع الشخصيات العامة، وعندها لا يحتاج الأمر أكثر من إتصال من موظف بسيط في القصر الملكي ليطلب من الذهبي العودة الى الأردن فورًا ليضع إستقالته بتصرف الملك الأردني، علمًا أن بضعة وزراء آخرين يقضون أيضًا رحلات إستجمام خارج الأردن.

ومع عودة العاهل الأردني الى بلاده فجر أمس يندلع الجدل مجددًا عما إذا كانت إقالة وزارة الذهبي ستكون مسألة وقت، أم أنها كما همست جهات أردنية لـ "إيلاف" ستكون في اليوم الأخير من شهر رمضان المبارك، في توقيت له دلالات عدة، وأهداف كثيرة، لكن حتى اللحظة لا توجد أي مؤشرات رسمية على أن التغيير مسألة وقت على الرغم من أن التجارب السابقة بشأن تغيير الحكومات في الأردن، أكدت أن التغيير في الأردن يكون مثيرًا في عنصر المفاجأة، وتوقيته، وهو يعني أن يكون متوقعًا في أي لحظة منذ الآن، خصوصًا أن الإشارات غير الرسمية تتعاظم بقوة، فعودة بضعة أقلام صحافية محسوبة على الشقيق الأصغر لرئيس الوزراة الأردنية الذي شغل من قبل منصبًا أمنيًا طرد منه في اليوم الأخير من العام الماضي، وقيل إن تلك الأقلام تلقت مالاً لإفتعال شائعات سياسية عرضت الأمن القومي للخطر، إذ إن تلك الأقلام بدأت على الأرجح تستشعر نهاية حقبة الذهبي، فبدأت تعيد الخوض في مسائل جدلية قديمة، في مسعى لتأخير إطلاق رصاصة الرحمة على وزارة الذهبي أكبر قدر ممكن. إذ إن هجومًا بعض تلك الأقلام بإيعاز من المسؤول الأمني المطرود على موظف نشط جدًا في القصر الملكي يؤكد تلك المساعي تمامًا، علمًا أن المسؤول الأمني المطرود حاول قبل طرده من منصبه إخراج الموظف الملكي النشط أمين خليفات من منصبه في القصر، إلا أن العاهل الأردني تمسك بخليفات بشدة، وأثنى عليه، وعلى أدائه الوظيفي في القصر الملكي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك على الخبر

شاهد ايضا