728

الجمعة، 21 أغسطس 2009

رجال العيون ينعون نساءهم




خيام العزاء والتي كانت احداها قبل أيام مخصصة للفرح توشحها السواد وأضفت عليها دموع اهالي الضحايا والمعزين ملامح الحزن والأسى فكان المشهد الجهراوي بخيامهم الموزعة على كل ساحات مناطقها ولوحات التأبين التي ارتكزت على أرصفة شوارعها أسود كظلمة ليلة العرس المنكوب الذي تدثرت به الكويت في ذلك اليوم.

عزاء الخالدي

التقت «النهار» مع ساير جابر الخالدي الذي فقد والدته ترفه سرحان الظفيري وأخته فوزية، وأنه في هذا الصدد فقد عمود البيت الذي كانوا يستظلون به وهو والدتهم لانها كانت الاب والأم بالنسبة إليهم بعد فقدهم والدهم.

حيث أكد الخالدي ان البيت الذي لا توجد به أمه أصبح لايسوى اي شيء ولاقيمة له ولكن ما يكسر الظهر هو وجود أخوات له وليس لهم معيل مطالباً الحكومة الرشيدة وعلى رأسها سمو الأمير وسمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء بالمساعدة المادية لانه لا يوجد لهم معيل وانهم اسرة كبيرة فقدت الأم والأخت وبقيت بعهدته وهو لايعمل.

ويتساءل الخالدي هل شهداؤنا ستخرج لهم الصحة شهادات وفاة أم يبقون دون شهادة تثبت وفاتهم.

وتقدم بالشكر لكل من تقدم بمواساتهم وعلى رأسهم صاحب السمو الامير وسمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء والحكومة واصحاب السمو ونواب الدائرة الكرام وابناء المنطقة الذين لهم وقفة مشرفة في هذه المواقف الذي هم حالياً من قام بالمساعدة بنصب الخيمة لاقامة العزاء لاننا في ذات عوز كبير ولا نملك هذه المصاريف، فوق مصابنا الجلل والكبير في فقدان والدتنا وهي عمود البيت وشقيقتنا.

وأشار ساير الخالدي انه بعد فقدان والدته احس بنقص كبير جداً.

وطالب الخالدي المساعدة من اصحاب الايادي البيضاء والكريمة لانتشالهم مما هم فيه.

وقال ان المعرس لا يوجد لنا به صلة ولكن وصلتنا بطاقة عرس من احدى صديقات والدتي فقالت لما لا نشاركهم افراحهم.

أما عمن عملت هذه الكارثة فقال حسبي الله ونعم الوكيل والدتي وشقيقتي «تجعلني لا اهتم لان المصاب كبير وصاحبة هذه الكارثة يوجد حكومة يشد بها الظهر».

ومن جهة أخرى، قال حسين العنزي وهو ابن اخت المتوفية رندي عامر سلطان وابنتها رندي التي توفيت معها بنت عمتها شلهى صالح وابنت اخوها في المستشفى وحفيدها ايضاً في المستشفى، ولكن لا نقول الا «قدر الله ما شاء فعل».

وقال ان الذي حدث بفعل فاعل كما علمنا من خلال وسائل الاعلام، ولا نستطيع اتهام احد ولكن بعد الاعترافات التي سمعنا عنها.

وأضاف العنزي ان «سبب حضورهن للعرس كون العروس جارت خالتي ولهذا الامر احبوا ان يشاركوها فرحتها بهذا اليوم، وقال ان ام المعرس اخت خالي.

وأشاد العنزي بمستشفى الجهراء لما قدم من جهود جبارة حيث ان الاطباء حضروا من منازلهم بملابسهم المدنية «الدشاديش» وعملوا بها والممرضات ايضاً بملابسهم الخاصة واصبحوا كخلية النحل، وايضاً ابناء الجهراء كافة من العموم، الكبار والصغار بجميع طبقاتهم.

وهذا الحادث بين تكاتف الشعب الكويتي حين الازمات وهذا الحادث دخل شجرة الكوارث العالمية.

دور الحكومة

وقال العنزي الحكومة ما قصرت وعلى رأسهم الوالد صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد على جهوده والحكومة مشكورة ونطالبهم بالا يقصروا مع ذوي الشهداء لانهم اهلاً لذلك ولفقدهم ابناءهم.

ورفض العنزي نصب الخيام المنازل بهذه الطريقة سواء للافراح او لغيرها لانها شديدة الخطر وسريعة الاشتعال.

وطالب العنزي ان يكون هناك عدد كاف للصالات في منطقة الجهراء مع الزيادة السكانية الهائلة ولا يوجد بها الا 15 صالة، ولم تنصب الخيم لان عدد الصالات قليل.

عزاء صباح مزبان الشمري

ومن جانبه، تقدم والد الضحية صباح مزبان الشمري بالشكر الى الامير صباح الاحمد وسمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء والشيوخ والحكومة الرشيدة على ما قدموه من جهود وتعزية في مصابنا الجلل الذي راح ضحيته ابنته.

وقال نشكر مستشفى الجهراء والمطافئ والطوارئ الطبية وابناء الجهراء على جهودهم الجبارة في هذا الموقف الذي بين معدنهم وتكاتفهم.

وطالب صباح الشمري من الحكومة بتسهيل الاجراءات في استخراج شهادات وفاة لمن توفي من ابنائهم البدون لان 70 في المئة من ضحايا الكارثة هم من نساء واطفال البدون. وعدم التضييق عليها في استخراجها، وهذا الامر اناشد به اميرنا الوالد وهو صاحب القرار.

ونشكر سمو الامير وسمو ولي العهد بعدم استقبال المهنئين بشهر رمضان المبارك وهذا بحد ذاته مؤازرة لنا جميعا.

وثمن الشمري اللفتة الكريمة من صاحب السمو امير البلاد حفظه الله بتخصيص سموه مكرمة اميرية لاهل وذوي الشهداء.

ومن عزاء الرجال الى مأتم النساء، دخلت عدسة «النهار» على اول المنكوبين وهي اسرة «ام نواف» التي فقدت عزيزتها فاطمة الصباح التي تبلغ من العمر 14 عاما، وكان لنا لقاء مع والدة الشهيدة والدموع في عينيها فقالت: «كانت اشبه بصدمة وفاجعة على قلوبنا، فلقد تم الاستدلال على ابنتي بمنتهى الصعوبة لان جثتها كانت متفحمة بالكامل ولم يرد والدها ان اشاهدها في تلك الحالة فاكتفى بدفنها دون ان اراها»، وكانت ابنتي في ذلك اليوم صائمة فستكونين في جنات الخالد يا فاطمة.

وعن سؤالها هل تلقت العروس اي رسائل تهديدات من قبل زوجة المعرس السابقة قالت ام نواف: نعم، لقد توالت مسجات التهديد للزوج بحرق الخيمة قبل يوم الزفاف بايام قليلة وتوعدها الدائم بتخريب ليلة العمر لكن الامر لم يكن يصدق واخذناه من باب «الغشمرة والحرة» ويمكن ان تكون مداعبة من باب التهديد فقط لايقاف العرس فلم يكن لدينا نية في ابلاغ الشرطة لان ذلك ممكن ان يفسد ليلة الزفاف.

وبصوت خافت مليء بالحرقة والحزن قالت مريفة وهي خالة الفقيدة «حسبي الله ونعم الوكيل والله لم يبرد دماء الشهيدة الى ان يأخذ المسؤولون حقها باعدام تلك المجرمة التي حرقت الاجساد وسفكت دماء الابرياء ونحن نناشد سمو الامير الشيخ صباح الاحمد بمساندة اهالي الشهداء بمعاقبة المجرمة اشد العقوبة ونحن على يقين كامل ان الحكومة ووزارة الداخلية ستكونان على قدر المسؤولية في منح اهالي الضحايا حقوقهم بمعاقبة من تسببت في اهدار دماء الشهداء.

وقال أخ الضحية عبدالله الصباح ان شباب الجهراء هم من قاموا بمد يد المساعدة في المحاولة لاخماد النار التي اكلت اجساد الضحايا، منوها الى ان الخيمة اشتعلت في اقل من الثانية باكملها لتحرق كل من في داخلها وان سيارات الاسعاف جاءت بعد حوالي ساعة من الحريق نظرا لازدحام الطرق، لافتا الى ان الحالات التي نجت من المأساة نقلت الى المستشفى وهي في حالة حرجة ولم يستدل العديد من الاهالي على الجثث نظرا لاختفاء ملامحها اثر الحريق المنكوب، مشيرا الى ان الاسعافات الطبية في معظم المستشفيات بطيئة للغاية، مطالبا وزير الصحة بتكثيف الخدمات الموجودة في المستشفيات.

وكان للجدة الكبرى هذه الكلمات الممزوجة بدموع الحزن والحسرة والألم على فقيدتها «عندما كنا نفرح ونرقص ونغني «الطقطقة» واذا برائحة البنزين تفوح من كل مكان وتفوقت على رائحة المأكولات فشعر الموجودون بالربكة والخوف ليذعروا من اماكنهم وليتجهوا جميعا الى المخرج ولكن مع الاسف كان هناك مخرج واحد لاكثر من 300 شخص فكيف للجميع ان يخرج في وقت واحد فاستطعت مع عدد قليل من الاشخاص الخروج، فالحريق لم يستغرق دقائق عدة ليجني على جميع الموجودين ويفحم اجسادهم ولم يكن علينا الا الصراخ والمطالبة بانقاذ الضحايا فأسرع جميع شباب الجهراء للاتجاه الى موقع الحادث ليسعفوا بقية الاشخاص لكن قوة النار لم تجعل احداً يدخل الخيمة وكيف لاحد ان ينجو ولم تكن هناك اي مطفأة للحريق تخمد تلك النيران المشتعلة، وتستمر في البكاء الشديد ويدها مرفوعة الى السماء حسبي الله ونعم الوكيل في من حرقت قلوبنا وألهبت النار فيها.

وبالانتقال الى عزاء الفقيدة الام «ترفة سرحان» والتي تبلغ من العمر خمس وخمسين عاما وابنتها فوزية جابر والتي تبلغ من العمر خمس وعشرين عاما، فكانت صيحات النساء ودموعهم من الصدمة لا تتوقف فقالت ابنة الشهيدة انه اشبه بكابوس فانا لا اقوى على النوم والراحة فقد فقدت امي واختي في يوم واحد، وتستمر وتم نقل امي واختي الى مستشفى البابطين الكائنة في منطقة الشويخ ولم يستطع الاطباء انقاذها لان نسبة الحروق كانت اكبر من 85 في المئة فلن نستطيع في البداية التعرف على امي واختي بسهولة بسب تفحمهما اثر الحريق المنكوب.

وتابعت والدموع تغمر عينيها في الساعة الثامنة والخمس واربعين دقيقة بدأت تفوح رائحة البنزين من المكان لكنها لم تكن ملحوظة واستمر الرقص والغناء لان الجميع لم يتخيل ان الغرض من ذلك هو حرق الخيمة وبدأت النيران تندلع من بين الحديد فعندما شعر الجميع باندلاع الحريق لا يتوقف اتجهنا جميعاً الى فتحة الخيمة لكن كثرة عدد المتجهين لفتحة الخيمة للخروج عتمت الرؤية امامي فلم استطع انقاذ امي واختي فكان الصراخ لا يفارقني ولم يتوان لساني عن ترديد كلمة «انقذونا يا أهل الجهراء» واعتبرت ان مسجات التهديد التي كانت يتلقاها المعرس مجرد هراء وذلك لزواجه من اخرى ولم يتوقع احد ان تنفذ تهديدات وتهلك الجميع بحرق الخيمة.

وكان حريق الجهراء الذي أودى بحياة ما يقارب من 46 ضحية أفرز العديد من التداعيات وسلط الأضواء على قدرة الدولة في كل مؤسساتها على التعاطي مع الكوارث، فيما أظهر التكافل الاجتماعي وجهه الايجابي، حيث بانت الوحدة الوطنية التي جبل عليها أبناء الكويت، فكانت «الفزعة» التي ليست بمستغربة منهم.

فما بين هذا وذاك التقت «النهار» مع بعض أهالي الجهراء وسألتهم عن «هم» مأساة «العيون» التي عايشوها جميعاً وما تداعياتها وماذا أفرزت من معطيات.

أشاد مشعل عناد الظفيري بالخدمات التي تقدمها مراكز الجهراء سواء الاطفاء أو الطوارئ الطبية وانها ممتازة لما لمسناه في التعاطي مع الحادث بسرعة الاستجابة ووجود الكادر والطاقم الذي استطاع ان يقلل من الخسائر بالأرواح وشكر جهودهم المبذولة.

ومن جهته، قال نايف الشمري ان الحادث بين معدن أهل الجهراء ومواقفهم المشرفة، وبالمقام نتقدم الى صاحب السمو أمير البلاد وسمو ولي عهده الأمين ورئيس مجلس الوزراء بالشكر لهم لمواقفهم تجاه هذه الأحداث، وموقف محافظ الجهراء المشرف الذي أدى الدور المطلوب منه.

كما أكد الشمري ان المستشفى العسكري له دور مشرف بمساعدة مستشفى الجهراء في هذه الكارثة التي اصابتنا جميعاً والشكر موصول الى المطافئ والطوارئ الطبية.

ومن جانبه، تحدث ماجد الشمري عن الحادث كونه شاهداً على ذلك وموجوداً أثناء حدوثه، قال ان الجهود التي قامت بها الحكومة ممتازة، ولكن المواطنين أرادوا المساعدة، ولكنهم عطلوا وصول سيارات الاسعاف والاطفاء الى مكان الحريق، لأن أغلبية المواطنين عملوا على حمل المصابين ونقل بعضهم، ولكنهم أعاقوا لبعض الشيء، لا لأجل الاعاقة، ولكن لانقاذ ما يمكن انقاذه، لأن الكثير منهم له أقرباء بعرس الدم، ما جعلهم يوقفون سياراتهم وسط الشارع، ما أعاق وصول سيارات المطافئ والاسعاف.

كما تقدم بجزيل الشكر لاعضاء مجلس الأمة والشيوخ والوزراء ونواب الدائرة لما قدموه من موقف مشرف على جميع المستويات.

وقال ان تعزية سمو الأمير وسمو ولي العهد عبرت عن آلامهما لهذا المصاب، والشكر الجزيل للصحافة والإعلام للنقل الذي سيكون له دور مشرف كان أو سيكون في الأيام المقبلة من تسليط الضوء على الجهراء.

أما بشأن صاحب العمل الاجرامي الشنيع فنحن في ظل دولة القانون وسينال الجزاء.

وقال ان الفعل هذا لا يقدم عليه انسان عاقل أو انسان مثقف لأنه عمل اجرامي.

أما حمد الدخيل فطالب بالمساعدة لأهالي الضحايا لأننا مقبلين على شهر فضيل، حيث ان ساير الخالدي وهو فاقد أمه وأخته لا يستطيع ان يقيم عزاء لوالدته وأخته، ولكن الناس هم من قاموا بنصب الخيمة وتقديم المساعدة لاستقبال العزاء.

وتمنى لهم من الله الصبر والسلوان لأهالي الشهداء والضحايا وأهل الجهراء والكويت كافة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك على الخبر

شاهد ايضا