728

الاثنين، 28 سبتمبر 2009

لماذا موقف الحكومة العراقية يزداد ضعفا؟

الذين يتابعون مجريات قضية مطالبة الحكومة العراقية لسوريا بتسليم المتهمين بالتفجيرات الإجرامية الرهيبة في يوم الأربعاء الأسود،ينتابهم القلق والغضب معاً مما يبدر من الجانبين، أو يدور حولهما!

فالجانب السوري يتمادى في غيه وصلفه ويصر على إنكار دوره في التستر على المتهمين بهذه الجرائم الشنيعة ويرفض تسليمهم للقضاء العراقي،أو لمحكمة دولية محايدة، والجانب العراقي يزداد موقفه اهتزازاً وضعفاً وتراجعاً بل وتخبطاً وكأنه ليس صاحب حق واضح أن الموطنين والبشر الذي تنطع لحكمهم وأصبح مسؤولاً عن أمنهم وسلامتهم يقتلون وبأيدٍ شريرة تمتد إليهم من وراء الحدود، وهو لسنوات يكتفي بمواقف تتراوح بين الصمت والتدليس والتصريحات الخجولة أو الشجب المتردد المذعور!

وموقف الجانب السوري ليس بحاجة إلى مزيد من القول فيه، يكفي وزير الخارجية وليد المعلم قوله ( إذا لم يأت الوفد العراقي، فإننا سنقضي الوقت بالتمتع بجمال اسطنبول ) أي قلب يمكن أن يصدر منه هذا الكلام في قضية تتعلق بموت آلاف وعشرات آلاف البشر وخراب بيوت الناس وزرع المآسي والبكاء في بيوتهم؟ كيف يمكن للمعلم أن يتجاهل موت الأبرياء وصراخ الأطفال والنساء ويذهب بضمير مرتاح للتمتع بالشواطئ التركية وما عليها من سابحين وسابحات،أغلب الظن إنه سيذهب لزيارة المرابع التي كان سلاطين العثمانيين يمارسون منها الحكم بنفس القسوة والبرودة التي يتحدث بها ليستمد منها المزيد من الوحي والإلهام!

ما يهمنا هنا هو هذا التهافت والتردي في موقف الحكومة العراقية حتى لتبدو اليوم وكأنها قد أرخت قبضتها عن هذه القضية الخطيرة جداً،وتراجعت عن الحق الواضح الساطع في يدها ( والذي هو حق الناس،وحق الضمير والقانون قبل أن يكون حقها) لتنكفئ كاشفة عن مزيد من الضعف مما سيغري الأشرار والقتلة أكثر للولوغ بالدم العراقي!

إن هذا الضعف ليس وليد اللحظة الراهنة إنما هو نتيجة طبيعة لعوامل وقضايا كثيرة أهمها : أولاً أن الحكومة ( لأسباب معروفة ) لاحقت الجانب السوري وأهملت الجانب الإيراني الأكثر أجراماً ونهما في تفجير الدم العراقي وتخريب الوضع القائم فيه،بل أن ما يقوم به النظام السوري،وشراذم البعثيين معه ليس سوى حلقة من المخطط الإيراني نفسه،وكان عليها التصدي للجانبين معاً بنفس القوة والعزم والوضوح. في الأقل لتتجنب القول عنها أنها تكيل بمكيالين !

والقضية الثانية أن الحكومة العراقية قد تأخرت كثيراً في التصدي للنظامين الإيراني و السوري مما جعل قضايا الضحايا العراقيين تبرد ويتراكم عليها الكثير من التراب واللامبالاة وإن دعواها الأخيرة انحصرت بجرائم يوم الأربعاء الدامي وكأن جرائم السنوات الست الماضيات قد طويت أو أدرجت وفق قولة عفى الله عما سلف!

والثالث هو أنها أهملت ولفترة طويلة أية تعبئة وطنية عامة تلف الناس بمختلف اتجاهاتهم وطوائفهم وقومياتهم حول هذه القضية، كما أنها لم تنزل منذ البدء كدولة عراقية موحدة وراء هذا الحق الوطني!

والرابع أنها ولم تربط ما يجري من إرهاب على أرضها بالحملة العالمية لمكافحة الإرهاب وتكون على اتصال دائم وحثيث مع مجلس الأمن الدولي لتطالبه بتطبيق قراره الذي اتخذه بالإجماع برقم 1618 القاضي بمكافحة الإرهاب في العراق ومعالجة أثاره وتداعياته وإلزام كافة الدولة بالتعاون مع العراق بهذا الصدد !

والخامس أنها لم تضع الجانب الأمريكي على المحك ولم تطلب منه علناً أو وفق القنوات الرسمية المسجلة أن يؤدي مسؤوليته في حفظ الأمن العراقي والتصدي لدولتين تنازلانه على أرض العراق، وهم معاً في صراع على مصالحهم، لا لمصلحة العراقيين.

لم يكن موقف مجلس الرئاسة حكيماً بإعلان خلافه مع الحكومة العراقية في هذه القضية وإعلانه على الملأ. كان الأولى أن يواجه حكومة المالكي به وفق الأطر الرسمية الداخلية الوطنية،فذلك قد أضعف الدولة العراقية وموقف الشعب العراقي كله في هذه القضية المصيرية.

من سوء حظ العراقيين أن ما يعمل في أعماق الدولة وعلى سطحها هي المصالح الحزبية والطائفية والقومية وليس المصالح الوطنية العراقية العليا. والخصوم والأعداء يعرفون ذلك جيداً، لذلك فهم يستهينون بالدولة العراقية القائمة،وبالشعب العراقي نفسه وبدمه ومصيره وحياته، ومن لا يعرف قدر نفسه،يصعب أن يجد في العالم من يقدره!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك على الخبر

شاهد ايضا