728

الأربعاء، 21 أكتوبر 2009

حجج مواصلة حرب أفغانستان



نشاط طالبان كما يظهر من هذه الخريطة (الأحمر والوردي) يطال 97% من أفغانستان (رويترز)

يُفاجأ المراقب عندما يكتشف أن مبررات تصعيد الحرب في أفغانستان لا تستند إلى أساس, بل هي حرب -تماما كما يراها 51% من الأميركيين حسب استطلاع لصحيفة واشنطن بوست- لا تستحق "مشقة خوضها". والواقع أن الحجج الثلاث لغزو الغرب لأفغانستان كلها واهية حسب مقال بصحيفة بريطانية.

فهل نحن أمام اتخاذ الرئيس الأميركي باراك أوباما قرارا وشيكا يجعله يزج برئاسته في مستنقع تتناثر به الجثث؟ يتساءل جوهان هاري في بداية مقاله الذي نشرته اليوم ذي إندبندنت في إشارة إلى احتمال إقرار أوباما خطة لإرسال مزيد من القوات إلى أفغانستان.

ويضيف الكاتب أنه يتوقع في أي وقت أن يعلن أوباما قراره بشأن مستقبل الحرب في أفغانستان, وهو يدرك جيدا أن انتشار القوات البريطانية والأميركية على "فوهة بركان" إقليم هلمند الأفغاني طال أمده, بل إن الفترة التي قضتها تلك القوات في هذا الإقليم تزيد الآن على مجموع ما قضته قوات البلدين على جبهة القتال خلال الحربين العالميتين اللتين شهدهما القرن الماضي.

لكن تذمر القادة العسكريين وبعض المسؤولين الأميركيين الآخرين قد يدفع بالرئيس الأميركي إلى زيادة قوات بلاده في أفغانستان وبالتالي تصعيد العمل العسكري هناك.

لكن الرئيس الأميركي مطالب اليوم بأن يختار أحد أمرين، فإما أن ينزل عند رغبة الشعبين الأميركي والأفغاني اللذين يطالبان بتقليص سريع للقوات الأجنبية في أفغانستان، وإما أن يقف إلى جانب طغمة عسكرية صغيرة حريصة على متابعة الصراع.

"
كل قصف تنفذه القوات الأجنبية لقتل عنصر من طالبان أو القاعدة يذهب ضحيته عدد كبير من المدنيين ويتحول أقاربهم إلى طالبي ثأر يسعون للانتقام ممن قاتلي ذويهم
"
لقد أظهرت استطلاعات الرأي أن الشعبين الأميركي والأفغاني متفقان إلى حد كبير بخصوص هذا الانسحاب, إذ تؤيده نسبة 51% من الأميركيين (حسب واشنطن بوست) وتطالب به نسبة 77% من الأفغان (حسب بي بي سي).

أما إرسال 40 ألف جندي إضافي, كما يطالب به القادة العسكريون, إلى أرض غريبة عليهم "لتطهير" مناطق شاسعة من المقاتلين المتمردين الذين لا يمكن التفريق بينهم وبين السكان المحليين وكذا بسط السلطة في مناطق لم تخضع في تاريخها لسيطرة الحكومة المركزية فهو أمر ينطوي على مخاطر جسيمة.

الثأر والانتقام
فكل قصف تنفذه القوات الأجنبية لقتل عنصر من حركة طالبان أو تنظيم القاعدة يذهب ضحيته عدد كبير من المدنيين ويتحول أقاربهم إلى طالبي ثأر يسعون للانتقام ممن قاتلي ذويهم.

وقد كشف العقيد الأميركي ديفد كيلكيلون الذي عمل مستشارا في شؤون التمرد لقائد قوات المنطقة الوسطى بالجيش الأميركي الجنرال ديفد بتراوس, أن طلعات الطائرات الأميركية بدون طيار لم تقتل سوى 14 عنصرا من تنظيم القاعدة في هجمات راح ضحيتها 700 مدني.

وهذا هو أحد العوامل الأساسية التي قصمت ظهر أميركا في فيتنام, إذ كان عليها كلما زادت من قتل "العناصر السيئة" أن تهيئ نفسها لقتل المزيد من تلك العناصر.

بل إن هناك خطرا آخر يتمثل في كون تطهير أفغانستان من طالبان يعني تحولهم إلى باكستان, حيث القنبلة النووية.

ويتبين مما سبق أن الداعين إلى تصعيد الحرب في أفغانستان يحتاجون لحجج مقنعة تثبت أن مخاطر إستراتيجيتهم المقترحة تظل أقل من المخاطر التي قد تنجم عن عدم تنفيذها.

"
لن يؤدي تصعيد الحرب الدموية هناك إلا إلى تأجيج الإرهاب وتوسيع نطاقه بدلا من تحجيمه وتقويضه
"
الحجج الثلاث
لكن المدقق في الحجج الثلاث التي يقدمونها للترويج لخطتهم يجدها واهية لا تستند إلى أساس.

فهم يقولون إن الغرب يحتاج لحرمان القاعدة من اتخاذ قواعد عسكرية لها في أفغانستان, كي لا يخطط عناصرها لهجمات على دوله شبيهة بتلك التي وقعت يوم 11/9/2001 بنيويورك.

لكن كل الهجمات "الجهادية" التي وجهت للدول الغربية تم التخطيط لها داخل تلك الدول نفسها ولم تكن تحتاج لتدريب يذكر ولا لمهارات تكنولوجية متقدمة.

بل إن الواقع أثبت أن لا وجود لمقاتلين من تنظيم القاعدة في أفغانستان في الوقت الحالي, وقد كشف تقرير سري أميركي نشر مؤخرا أن 90% من مقاتلي طالبان رجال قبليون يقاتلون الأميركيين بوصفهم "قوة احتلال" وليست لهم أي مآرب خارجية.

أما الحجة الثانية فهي التبجح بأن بقاء القوات الأجنبية في أفغانستان يساهم بشكل كبير في المحافظة على حقوق الإنسان وخاصة النساء وهذا ما تفنده الوقائع على الأرض, فحكم طالبان استعيض خارج كابل بحكم أمراء الحرب ووضع النساء هناك كما تصفه النائبة بالبرلمان الأفغاني مالالاي جويا لا يقل سوءا عن وضعهن تحت ظل حكم طالبان.

"إذا انسحبنا من أفغانستان فإن ذلك سيمثل نصرا كبيرا للقاعدة" هذه هي الحجة الثالثة لداعمي تصعيد الحرب في أفغانستان, ولا شك في أن القاعدة تمثل خطرا حقيقيا, لكنه يظل محدودا مقارنة بخطر البقاء في أفغانستان ولن يؤدي تصعيد الحرب الدموية هناك إلا إلى تأجيج الإرهاب وتوسيع نطاقه بدلا من تحجيمه وتقويضه.

المصدر: إندبندنت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك على الخبر

شاهد ايضا