728

الاثنين، 5 أكتوبر 2009

إسلاميو الصومال أمراء حرب جدد



كثيرون انتقدوا اقتتال إسلاميي الصومال واعتبروا أنهم يكررون تجارب مضت (الجزيرة-أرشيف)

مازال الصومال هو الصومال منذ عدة عقود، بلد فقير يسود فيه القتل والتشريد ويأبى الاستقرار أن يجد إليه سبيلا، تدور فيه رحى الحرب فتأتي على أرواح الكثيرين، لكنها تأتي لآخرين بكسب وفير.

هكذا على الأقل يرى بعض من خبروا دروب الصراع في مقديشو، وقرروا أن ينأوا بأنفسهم عن "سفك الدماء" حسب وصفهم للوضع هناك.

فبعض الذين تركوا صفوف الإسلاميين المتقاتلين منذ الانسحاب الإثيوبي من البلاد أواخر العام الماضي، وصفوهم بأنهم تحولوا إلى "أمراء حرب جدد".

عبدي قاسم صلاد حسن: هناك جهات خارجية تؤجج صراع الصومال (الجزيرة-أرشيف)
انهيار أخلاقي
ويرى هؤلاء أن بعض إسلاميي الصومال لم يسلموا من "الانهيار الأخلاقي والأنانية" وأن سلوكهم لا يختلف في شيء عن سلوك زعماء الحرب السابقين.

بل إن قياديا إسلاميا بارزا قال إنه ترك العمل مع "المقاومة" بعد اقتناعه بتحول مسار وأهداف "المشروع الإسلامي". واعتبر أن بعض الإسلاميين تورطوا في "أعمال شبيهة بالجريمة المنظمة، منها استباحة أموال الناس ووصفها بالغنيمة فضلا عن تصفيات جماعية بشكل تدريجي تقوم بها فئات بعينها واغتيالات ضد الرموز والمثقفين وسائر الشعب لأسباب قد تكون شخصية أو قبلية".

ويرى المتحدث نفسه أن ذلك "مهد الطريق لظهور رغبة لدى البعض في التخلص من حلفائهم للانفراد باقتصاد وسلطة البلاد" كما لم يستبعد وجود "عوامل خارجية لها نفس الأغراض تدفع في سبيل مثل هذا التوجه".

المعارك المتصاعدة بين من يفترض فيهم أنهم أبناء العقيدة الواحدة والأمة الواحدة والمشروع الواحد، وخصوصا المعارك الأخيرة بين مسلحي حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي زادت من قلق المواطنين الصوماليين وشكوكهم في جدوى "المشروع الإسلامي" وأهدافه.

وحتى من خارج صفوف هؤلاء الإسلاميين، هناك من يصفهم بأنهم "أمراء الحرب الجدد" فالرئيس الصومالي الأسبق عبدي قاسم صلاد حسن أشار إلى وجود جهات صومالية "حلت محل زعماء الحرب السابقين".

كما يعتبر أن دولا خارجية تضخ ملايين الدولارات من أجل استمرار الوضع الراهن للبلاد". وأضاف أنه من "الفجيعة أن يقوموا بتهجير الملايين وقتل الآلاف وجرح مئات الآلاف من أبنائهم".

الحرب في مقديشو طردت سكانها إلى مخيمات في ضواحيها (الجزيرة-أرشيف)
غياب الرؤية
أوساط من الإسلاميين الذين تركوا ما يسمى "العمل الجهادي" إثر الانسحاب الإثيوبي، أرجعت الخلاف الحالي بين الحزب الإسلامي وحركة الشباب المجاهدين إلى "غياب مبادئ ورؤية مشتركة" حيث لا يجمع بينهما إلا معاداة الرئيس الانتقالي شريف شيخ أحمد وحكومته.

ومن جهتهم يقول علماء دين بارزون في الصومال إن "اهتزاز وتصدع الوازع الديني والأخلاقي" مهد الطريق أمام النزاعات في صفوف الإسلاميين الأخير، ولم يستبعدوا حدوث نزاعات على أسس قبلية أو من أجل مصالح اقتصادية في المستقبل.

وأكدت قيادات وشخصيات رفيعة من هيئة علماء الصومال أن ما يحدث الآن في البلاد هو بالضبط ما كانت قد حذرت منه قيادات المعارضة المسلحة، واعتبرت أن الباب أصبح مفتوحا على جميع الاحتمالات.

واستبعد رموز من علماء الصومال وشيوخ من قبائل الهويا إطلاق وساطة بين الحزب الإسلامي والحكومة في الوقت الراهن، معللين هذا الرأي بكون الوقت غير مناسب.

وقال بعض هؤلاء إن أطراف النزاع الصومالي لم تنضج بعد لتعي المخاطر التي حذر منها العلماء، غير أنهم أشاروا إلى إمكانية أن يحدث ذلك إذا عرضت الأطراف رغبتها في حل مشاكل البلاد سلميا.

الصراع في الصومال قتل وجرح الآلاف من المدنيين (الجزيرة-أرشيف)
لا تقارب
من جهتها قالت شخصيات وقيادات إسلامية صومالية في المهجر إنه "في حال لم تنجح المعارضة في مراجعة حساباتها ولم تتخل عن السلوك الانفرادي، واتهام بقية الشعب وقياداته بالردة والكفر، فإنها ستتحمل مسؤولية النتائج السيئة المحتملة لذلك".

وأشار قيادي بارز في الحزب الإسلامي إلى أنه ليس هناك أي نية لدى الحزب للتقارب مع الحكومة بعد خلافه مع حركة الشباب، ورفض القيادي التعليق على الخطوات المقبلة بشأن التعامل مع الوضع الجديد والخلاف الحالي.

غير أنه ألمح ضمنا إلى إمكانية بروز توليفة جديدة في المعضلة الصومالية دون توضيح ملامحها، واكتفي بالقول "لن نتفاوض بتاتا مع شريف مهما حدث وليس هذا في أجندتنا".

ويرى المحلل السياسي الصومالي يوسف قورطيري أن الوضع بالنسبة للحزب "يشبه العيش بين نارين" وهو وضع "يحتم عليه البحث عن طريق لتجنب ما حدث للمحاكم الإسلامية حينما قررت الانضمام إلى الحكومة حيث تعرض عدد من قادتها للتصفية، ولاحقا الهروب إلى مواقع الحكومة بعد أن ضيقت الشباب الخناق عليهم".

المصدر: الجزيرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك على الخبر

شاهد ايضا