728

السبت، 26 سبتمبر 2009

الكويت.. فساد أكثر وشفافية أقل

مارون بدران:
يبدو أن الكويت لا تحارب آفة الفساد كما يجب في قطاعيها العام والخاص. هذا ما يشير إليه تصنيف الدول على مؤشر الفساد الذي تعده سنويا منظمة الشفافية الدولية. فحسب تقرير المنظمة الذي صدر أمس، تراجعت الكويت في التصنيف العالمي للعام الماضي 5 مراكز لتحل في المرتبة الـ65، بعد أن كانت في المركز الستين على مؤشر عام 2007. وقد حلت هذا العام في المرتبة نفسها التي احتلتها دولة كوبا أيضا. وعربيا، تراجعت الكويت أيضا مرتبة واحدة لمصلحة تونس، وحلت في المرتبة السابعة بعد أن كانت العام الماضي في المركز السادس. وتشير منظمة الشفافية الدولية إلى أن العلامة التي تحدد تصنيف الكويت ما زالت نفسها عند 4.3 على عشرة، لكن تقدم دول أخرى في التصنيف يفسر تراجع الكويت في مؤشر الفساد.

الترتيب العربي والعالمي
وما زالت قطر تحتل المرتبة الأولى عربيا وقد تقدمت 4 مراتب عالميا، في حين أن دولة الإمارات حلت في المرتبة الثانية عربيا على الرغم من تراجعها مرتبة واحدة عالميا. واللافت أن سلطنة عُمان قفزت 12 مركزا على المؤشر لتحل في المرتبة الـ41 عالميا والمركز الثالث عربيا، وبذلك تسبق البحرين والأردن اللتين حلتا في المرتبتين الرابعة والخامسة عربيا على التوالي. وكانت البحرين تقدمت 3 مراتب عالميا والأردن 6 مراكز. وقد تراجعت كل من السعودية وتونس مرتبة عالميا، في حين انخفض تصنيف مصر 10 مراكز ولبنان 3 مراكز، لتحل الأولى في المرتبة 115 عالميا والثانية في المرتبة 102.
وعالميا، حلت الدانمرك في المرتبة الأولى للعام الثاني على التوالي كأقل دولة فسادا في قطاعيها العام والخاص، في حين تراجعت فنلندا 4 مراتب إلى المركز الخامس بعد أن احتلت المرتبة الأولى في عام 2007 بالتوازي مع الدانمرك. وقد شاركت هذه الأخيرة نيوزيلندا والسويد بالمرتبة الأولى على مؤشر عام 2008، لتحل سنغافورة في المرتبة الرابعة وبعدها أتت فنلندا وسويسرا وأيسلندا وهولندا وأستراليا وكندا.

الفساد في القطاع الخاص
يذكر أن تقرير منظمة الشفافية الدولية تناول هذا العام موضوع الفساد في القطاع الخاص، معتبرا أن الشركات هي لاعب أساسي في عملية محاربة الفساد حول العالم. ويصف التقرير الفساد بالمشكلة المعقدة والمدمرة في قطاع الأعمال ومحاربته تعتبر أكبر تحد بالنسبة للشركات. ويعتبر التقرير أن الرشوة ليست سوى وجه واحد من الفساد في الشركات، ويحذر من مسائل مرتبطة عدة:
المحسوبية والعلاقات المشبوهة بين الملاك من أسوأ أنواع الفساد.
الفساد داخل الشركة قد يضر بالأداء والحسابات.
الفساد في الأسواق يؤدي إلى لاعدالة في المنافسة والأسعار.
مخاطر الفساد في لوبي الشركات قد تنقلب إلى فساد قانوني وتؤثر في مسار الحكومات وتخلق مخاطر على البزنس بشكل عام أيضا.
إلى ذلك، تنصح المنظمة في تقريرها بتقوية سلامة الشركات عبر الدروس التالية:
1 - على الشركات تحديد مخاطر الفساد والفصل بينها لإمكان محاربتها بطريقة صحيحة. 2 - التقدم واضح في محاربة الشركات للفساد لكن ما زال الطريق طويلا.
3 - على الملاك وحملة الأسهم الدفع نحو السيطرة على منابع الفساد في الشركات وتدريب الموظفين على ذلك.
4 - المشرعون مطالبون بتشديد القيود والقوانين لمحاربة فساد البزنس.
5 - الجهود المبذولة لجعل الشركات سليمة وصحية يجب أن تضاف إلى جهود أخرى لخلق لاعبين جدد وأسواق جديدة.
6 - يجب وضع استراتيجيات واضحة في هذا المجال وعدم المجازفة يمنة ويسارا.
وتشير المنظمة إلى أن الأزمة المالية التي يعيشها العالم في الوقت الحالي كشفت قوة الفساد في الشركات، وقدرته على تدمير أسواق وأرزاق.

الصناديق السيادية
من ناحية أخرى، تناول تقرير المنظمة الدولية قضية الشفافية والحوكمة في صناديق الثروات السيادية حول العالم. ويقول ان سرعة نمو هذه الصناديق في الأعوام الخمسة الماضية غيّر الخريطة العالمية لملكيات الأصول، وجعل عددا من الأسواق الناشئة لاعبين مؤثرين في الأسواق المالية العالمية. ومن أصل 3 تريليونات دولار تديرها الصناديق السيادية حول العالم، 2.2 تريليون دولار هي تحت إدارة 7 صناديق تملكها كل من الإمارات العربية المتحدة والنرويج وسنغافورة والكويت والصين. ومن المتوقع أن تنمو استثمارات هذه الصناديق إلى أكثر من 15 تريليون دولار في 2015.
وتفيد المنظمة بأن المعلومات المتوافرة عن السياسات الاستثمارية لهذه الصناديق وهيكليات حوكمتها وآليات حساباتها قليلة جدا. إذ ان النرويج وآلاسكا فقط تصدران تقريرا محاسبيا مدققا وتنشرانه أمام الرأي العام.
أما في حالة الهيئة العامة للاستثمار في الكويت، فالقانون يمنع الإفصاح عن أصول الصندوق السيادي. ومن يونيو عام 2007، لم تفصح الهيئة حتى عن الحجم الحقيقي لإجمالي قيمة أصولها. وتعتقد المنظمة أن المشكلة في شفافية هذا النوع من الصناديق تتعلق بطبيعة التشريعات المختلفة عن نظيراتها التي تحكم عمل المستثمرين المؤسسيين الآخرين. وهذه القضية تطرح أسئلة حول تضارب مصالح محتمل بين التشريعات الحكومية والواجبات الرقابية وأغراض ملكية صناديق السيادية. ويشكل التدقيق المحاسبي قضية مهمة أيضا هنا، إذ أظهرت دراسة، أجريت على 20 أكبر صندوق سيادي، أن 16% منها فقط تخضع للتدقيق المحاسبي.
ويشيد تقرير المنظمة بأسلوب عمل صندوق النرويج السيادي ومدى شفافية تعاملاته، ويعتبر أن تطوير حوكمة الصناديق وشفافيتها يتطلب الكثير من الجهد والوقت، ويبدو أن المنظمات الدولية تعمل على هذا الخط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك على الخبر

شاهد ايضا