728

الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

فارس سعيد: ما في حكومة... ليس الآن!


الإعلام السوري الرسمي لم يعلن موعد زيارة ملك السعودية

العاهل السعودي يصل دمشق بعد ظهر اليوم

لقاء دمشق لا يعني حُكمًا تشكيل الحكومة فورًا في لبنان

" كبّر عقلك، ما في حكومة "... هذا كان رد المنسق العام لقوى" 14 آذار (مارس) فارس سعيد صباح اليوم لـ "إيلاف" عند إستيضاحه عن صحة سيل المعلومات عن التقدم في اتجاه تشكيل الحكومة الأولى للرئيس المكلف سعد الحريري بفعل تأثيرات الزيارة الأولى للعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز اليوم إلى سوريا، والتي تستمر يومين. ويرى سعيد أن الملك عبد الله يريد من سورية أن تنضم إلى الموقف العربي المؤيد للمبادرة العربية للسلام، بينما يذهب المحللون إلى أنّها ترمي إلى وضع حد للخلافات بين البلدين وخاصة في ما يتعلق بالملفين الفلسطيني واللبناني، إضافة إلى العلاقات الاستراتيجية التي تربط سوريا بإيران.

بيروت: يشرح النائب السابق فارس سعيد أنَّ "العلاقات السعودية – السورية لا تقتصر على الملف اللبناني، بل تشمل أوضاع العراق وقضية فلسطين والعلاقة بإيران، وأعتقد أن الملك عبدالله يريد من سورية أن تنضم إلى الموقف العربي المؤيد للمبادرة العربية للسلام".

ويبدي سعيد ثقته بأن هناك "ضوابط، أميركية في شكل خاص، لن تسمح بعودة سورية إلى السيطرة على لبنان وهيمنة نفوذها فيه"، ليقول إنَّ ثمة تبسيطًا في قول بعضهم إنًّ اللقاء بين العاهل السعودي والرئيس السوري سيؤدي إلى تأليف حكومة الرئيس المكلف سعد الحريري. لكنه يتدارك ويقر بأن "هذا الإستنتاج واقعي من جهة أخرى". ويعرض نائب بلاد جبيل السابق بعض التعقيدات التي تخيّم على عملية تشكيل الحكومة.

كان اول لقاء مصالحة بين الملك عبد الله والرئيس السوري بشار الاسد، الذي بدأت بلاده بفتح حوار مع الادارة الاميركية الجديدة، قد حدث مطلع عام 2009 على هامش القمة الاقتصادية العربية التي عقدت في الكويت.

ويبدي سعيد قلقه من مناورات جديدة للنظام السوري ويشير "قد نكون اليوم أمام مناورة أخرى للنظام السوري من أجل فك الضغط الدولي والعربي عليه، وذلك بعدما حقق خطوات على هذا الصعيد من دون أن يتوصل إلى نتائج ملموسة حتى اليوم".

يضيف "لا يكفي حصول اتفاق عربي – عربي لضمان تسهيل الأمور الداخلية الشديدة التعقيد في لبنان، فهناك عنصر إيراني واضح يؤثر بقوة على الأوضاع والتوازنات في هذه البلاد. وإذا اعتبر العنصر الإيراني إن التقارب العربي – العربي يمكن أن يلحق به ضررًا فإنه قادر على نسف محاولة التقارب هذه ساعة يشاء".

ولا ينسى سعيد الإشارة الى العنصر الأميركي الضاغط والذي يتجه "للحؤول دون جعل لبنان مركزًا لتقاسم النفوذ السوري – السعودي على غرار ما جرى وتكرس لمدة طويلة بدءًا من السنة 1992 حتى السنة 2005". ويعلّل ذلك بأسباب ثلاثة:

- كانت سورية في 1992 جزءًا من "مؤتمر مدريد للسلام" ولم تعد كذلك، أقله حتى اليوم على الرغم من رغبتها في الإنفتاح على إسرائيل والتفاوض معها من خلال الوسيط التركي. وفي الوقت نفسه تقف سورية في موقف مناقض لموقفها سنة 1992 وهي مكبلة بتفاهمها مع النظام الإيراني.

2- في 1992 كانت المملكة العربية السعودية في موقع مرتاح أكثر في تعاملها مع قضايا المنطقة ومعالجة تعقيداتها لأن جمهورية إيران الإسلامية لم تكن تنافسها على النفوذ والدور وتزايد في مختلف القضايا من فلسطين إلى لبنان والعراق وبلدان أخرى كما هو الوضع اليوم.

3- أصبح لبنان مدوّلاًَ عمليًا من خلال القرارات الدولية التي أصدرها مجلس الأمن في شأنه، أولها القرار 1559 الذي نص خصوصًا على خروج الجيش السوري واستخباراته من الأراضي اللبنانية، والقرار 1595 الذي نشأت بموجبه المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، والقرار 1701 الذي نص على انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية التي دخلتها عام 2006 وجعل منطقة جنوب الليطاني محظورة على سلاح "حزب الله" وسلم أمنها إلى الجيش اللبناني تسانده القوة الدولية المعززة "اليونيفيل".

فارس سعيد

يضيف سعيد "المطلوب عربيًا من النظام السوري فك تحالفه مع النظام الإيراني عبر انخراطه في مجموعة الدول المؤيدة لـ "المبادرة العربية للسلام"، التي وضعها الملك عبدالله بن عبد العزيز وأيدتها القمة العربية في بيروت عام 2002 وكان الملك السعودي وليًا للعهد. هذا الإلتحاق السوري مستبعد حاليًا، لن تتخلى دمشق الآن عن حليفتها طهران إذا شعرت بأنها ذاهبة في موضوعها النووي إلى طريق مسدود. وسينتظر الأسد ما سيقدمه إليه الأوروبيون بمسعى فرنسا فوق "الشراكة مع الإتحاد الأوروبي" وقدرته على تسديد الثمن المطلوب أميركيًا".

ويلفت سعيد "يكتسب العامل الإيراني إلحاحه في التعامل العربي مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد إنطلاقًا من أن إيران تسعى إلى بسط نفوذها على واجهة المتوسط، عبر "حزب الله " في لبنان وحركة "حماس" في فلسطين. وهي تستند عربيًا إلى دعم الجزء الغالب من شيعة العراق ولبنان والنظام في سورية. هذا الطموح الإيراني يثير مخاوف العرب خصوصًا لأنه يأتي من باب المزايدة في قضية فلسطين، وكذلك من باب تقاسم النفوذ الإسلامي في العالم العربي، مما ينذر بفتن متنقلة على صورة ما يجري في اليمن والعراق وغيرهما".

العاهل السعودي في مطار الملك عبد العزيز الدولي

في ضوء كل ذلك، وعلى الرغم من كل هذه العناصر، يقول سعيد، ممنوع انقلاب الوضع في لبنان، لأن تحوّله مركزًا للنفوذ الإيراني على ضفة البحر الأبيض المتوسط هو بمثابة انهيار للنظرة العربية – الأميركية الإستراتيجية إلى السياسة في لبنان".

ويختم فارس سعيد تحليله بمعادلة واضحة: "إذا كانت خطوة الرئيس السوري الإنفتاحية على المملكة العربية السعودية - والتي قابلها العاهل السعودي بالمثل من خلال زيارته دمشق اليوم- هي مناورة يريد منها الأسد شراء الوقت بعد تعثر المسار التفاوضي الإسرائيلي – الفلسطيني، فهذا يعني إنه لن تكون في لبنان حكومة قريبًا.

أما إذا تسهلت عملية تأليف الحكومة فهذا يعني أن سورية بدأت فك ارتباطها مع إيران. علمًا أنه حتى لو اتفق العاهل السعودي والرئيس السوري تماما في الشأن اللبناني، فإن عملية التأليف لن تكتمل قبل الشهر المقبل. فطهران لن تعطي شيئًا مجانًا كرمى لأحد، لا سورية ولا غيرها، بل ستنتظر ظهور بوادر نتائج المفاوضات التي تجريها مع الدول الست الكبرى في شأن برنامجها النووي، وهذه تحتاج إلى وقت".

ووصل العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز الى دمشق بعد ظهر اليوم حيث كان في استقباله الرئيس السوري بشار الاسد في مطار دمشق الدولي، حسب وكالة الانباء الرسمية (سانا). ويرافق العاهل السعودي في اول زيارة رسمية له الى سوريا منذ توليه العرش في عام 2005 وفد رفيع المستوى يضم عددا من الوزراء حسب الوكالة.

في 23 ايلول/سبتمبر زار الرئيس السوري السعودية حيث حضر افتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) بالتزامن مع العيد الوطني السعودي. وكان من بوادر تحسن العلاقات بين البلدين، تعيين المملكة سفيرا في دمشق في تموز (يوليو) بعد ان بقي هذا المنصب شاغرا لمدة عام.

من جانب آخر، كتبت صحيفة الوطن السورية (المقربة من الحكومة) في عددها الصادر الاربعاء "تجري الزيارة وسط ارتياح اقليمي ودولي، شجع خلال الاسابيع الماضية على التقارب، حيث ابدت باريس ارتياحها لتحسن العلاقات بين البلدين بما في ذلك من تاثير على الوضع الاقليمي، كما رحب لبنان ودول خليجية وعربية اخرى بالزيارة".

ويقول هادي عمر المحلل في مركز بروكينغز الدوحة الذي يتخذ من قطر مقرا له لوكالة الصحافة الفرنسية إن دمشق والرياض "كانت لديهما دومًا مواقف متعارضة خلال السنوات الماضية"، مشيرًا الى ان التقارب بين البلدين ياتي في وقت تشهد فيه العلاقات بين دمشق وواشنطن انتعاشًا.

وتعتقد الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية بأن دمشق يمكنها المساهمة بالبحث عن حلول للملفات الساخنة في المنطقة كالعراق ولبنان والصراع الاسرائيلي-الفلسطيني. ويضيف المحلل بان الرئس الاميركي باراك اوباما، وعلى العكس من الادارة الاميركية السابقة برئاسة جورج بوش، "يريد ان يعطي لسوريا دورًا في المنطقة". وفي لبنان عنونت صحيفة السفير المقربة من دمشق "كتاب مفتوح الى الرئيس المكلف سعد الحريري: فلتكن زيارة الملك عبد الله الى دمشق فرصة لاعلان حكومة الشراكة".

وفي هذا البلد الذي لم تشكل فيه حكومة منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في حزيران/يونيو والتي فاز فيها معسكر 14 آذار/مارس الذي يتزعمه سعد الحريري المدعوم من الرياض امام معسكر 8 آذار/مارس الذي يقوده حزب الله المدعوم من دمشق، يراهن العديد من محللين على التقارب السوري-السعودي لوضع حد للخلافات.

من جهتها، كتبت صحيفة النهار اللبنانية المقربة من 14 آذار/مارس ان "لبنان معني اكثر من اي وقت بالمصالحة السعودية-السورية، أقله بالنظر إلى الانعكاسات السلبية التي حصدها نتيجة الخلاف بين دمشق والرياض ولم يكن آخرها تعثر تاليف الحكومة في لبنان".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك على الخبر

شاهد ايضا