728

الأربعاء، 30 سبتمبر 2009

لا أحد يلاحظ إستمرار الإستشارات في ساحة النجمة

لم يتوقع أحد في ساحة النجمة أن يتصاعد الدخان الأبيض من نوافذ مجلس النواب وأبوابه. الاستشارات النيابية التي أجراها الرئيس المكلّف سعد الحريري على مدار خمسة أيام لم تسفر عن أي تقدم يذكر، اللهم غير ذلك الخطاب الهادئ واللهجة المؤكدة في الحديث عن ضرورة قيام وحدة وطنية. خمسة أيام من الاستشارات في ساحة النجمة لم تدفع " أهل الساحة وروادها " إلى تزيين الساحة إستعدادًا لحدث سعيد.

بيروت: لا يوحي شيء في ساحة النجمة أن هناك استشارات تحصل على بعد امتار تحت قبة البرلمان اللبناني. بل يبدو الوضع على عادته مثل اي نهار عمل. فما يدور بين اروقة المجلس لم يعد محور اهتمام أحد في هذه المنطقة وسط بيروت، سواء من المارة أم الموظفين والعمال في المطاعم والشركات والمكاتب المنتشرة بكثرة في المكان . ويبدو المشهد غريبًا نوعًا ما. فعند الثانية من بعد الظهر موعد استراحة الغداء للجميع، وبينهم اصحاب المعالي والسيادة، يصبح المكان اشبه بمدينة الاشباح! فالحركة معدومة إلى حد كبير، تخرقها بين حين وآخر مجموعات متفرقة من الموظفين والعمال الذين انهوا دوامهم بعد يوم طويل وممل.

اما في الجهة المقابلة للمدخل الرئيس لمجلس النواب، فيجلس اربعة مرافقين لشخصيات سياسية، يتسامرون ويتهامسون فيما بينهم عن امر ما يزعجهم او يضايقهم، ولربما وطأة الانتظار الطويل في ساحة فارغة هو السبب. لكن الضوء الكهربائي المنبعث من داخل المجلس يشير إلى أن امرًا ما يجري، وان البث التلفزيوني المباشر يتواصل في اليوم الذي كان مفترضًا أنه الأخير من الاستشارات، وذلك قبل تمديدها في سابقة لم يعرف تاريخ تأليف الحكومات مثيلاً لها.

ويظهر أن المسألة ستطول كثيرًا في ضوء الحديث عن تمديد مدة الاستشارات الى مزيد من الايام، وأنه سيجتمع الرئيس المكلّف بها مع شخصيات من المجتمع المدني والنقابي والصناعي. ولا تختلف حال العسكريين وحرس المجلس المنتشرين في محيط المجلس اختلافاً جذريًا عن احوال العاملين في داخله من اعمال برتوكولية وادارية وصلت الى حدودها القصوى، وقد حاول فيه احدهم كسر هذا الجمود والركود العابق في الساحة ومجلسها، برشّ كميات من القمح لأسراب الحمام المتمركزة عند الطرف الشرقي من باب المجلس.

وحيال الهدوء الهائل يخترق اربعة شبان الساحة، وينظرون بإستهجان الى تلك الجهة السياسية ومركز السلطة التشريعية في لبنان ولا يترددون في السؤال عن سبب فتح باب المجلس بعد الساعة الثانية، ليأتيهم الجواب إن" هناك استشارات يجريها الرئيس المكلف سعد الحريري في الداخل". ولا يفاجأ الاربعة بالجواب، ويقول أحدهم :" اعتدنا سماع كلمة استشارات منذ ثلاث اشهر ونصف، وهي مستمرة، نعلم ان هناك استشارات ولكن لم نعد نعرف كيف واين تجري ". ويقاطعه رفيقه: "الشعب ما عاد يعرف شيئًا، والمهم ان الامن ممسوك ولا مشاكل. ولكن يجب ان يعرف من في الداخل ان جيلاً من الشباب يرفض حتى هذه الساعة الهجرة وما زال يصر على البقاء في بلده، ولبنان غير قادر على تحمل مهل اضافية ووقت ضائع، العالم كله يتقدم ونحن اللبنانيون غير قادرين على تشكيل حكومة من 30 وزيرًا".

يتابع الشبان سيرهم نحو المطاعم المنتشرة على تخوم المجلس، والتي يأمل اصحابها في زيارة سياسية تعوّض شيئا من الكساد، ويظل أملهم معقودًا على موجات من السياح العرب والاجانب. وفي أحد المطاعم يتناقش وليد من دولة قطر وثلاثة من اخوته وأصدقائه في شؤون الفن والتمثيل، يقيّمون المسلسلات الرمضانية وكيف توزعت واي منها حظي بالنسبة الاعلى من المشاهدين.

وبالتالي يكاد اي سؤال خارج هذا السياق بالنسبة اليهم في غير موقعه وزمانه، ولكن هؤلاء الشبان الخليجيين إذا ما سئلوا، يبدون مطلعين جيدًا على الوضع السياسي في لبنان والصعوبات الحائلة دون تشكيل الحكومة فيه، فيحدثونك عن تفاصيل الازمة، وعن الصيغة التوافقية، ويعرفون مطالب النائب الجنرال ميشال عون.

وعلى الرغم من الإختلاف في وجهات نظرهم، يجمعون مثل الاطراف السياسية في لبنان على ضرورة التوصل الى حكومة وحدة وطنية تستند الى العيش المشترك بين الطوائف والمذاهب. وبسؤالهم اذا ما كانوا على علم بأن استشارات نيابية تجري على بعد امتار منهم، قالوا انهم لم يلاحظوا ذلك مع انهم لمحوا باب مجلس النواب مفتوحاً على مصراعيه. و"سمعنا شابين يتحدثان عن الموضوع وها نحن نجلس الان وعيوننا الى مدخل المجلس لربما نلمح سياسيًا لبنانيًا يؤنسنا في قعدتنا"... يقولونها ويضحكون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك على الخبر

شاهد ايضا