728

الخميس، 20 أغسطس 2009

مبارك ينفي رغبته في توريث نجله الرئاسة

أفشين مولافي من واشنطن: قال الرئيس حسني مبارك إنه لم يناقش على الإطلاق قضية الرئاسة مع نجله جمال وأكد أن الشعب المصري هو الذي سيقرر من سيكون الرئيس الجديد، حسب قوله في مقابلة بثتها قناة تلفزيونية أميركية عامة. مبارك قال للمذيع التلفزيوني الأميركي الشهير شارلي روز "لم يخطر على بالي أن يخلفني ابني"، وجاء ذلك في مقابلة تلفزيونية استمرت ساعة كاملة تم تسجيلها في هيليوبولص في الاسبوع الماضي ثم تم بثها في مختلف انحاء الولايات المتحدة يومي الإثنين والثلاثاء.

مبارك قال: "لم يتم طرح هذا الموضوع مع ابني. قرار انتخاب من يمثل الشعب أمر يعود للشعب نفسه. لست أنا من يقرر ذلك. الشعب هو الذي يقرر انتخاب الشخص الذي يثق به. أما من سيكون هذا الشخص؟ أمامنا فترة طويلة... لا تزال امامنا سنتان". خلال الزيارة التي اجراها مبارك الى واشنطن على مدى يومين لعقد مباحثات مع الرئيس باراك اوباما ومسؤولين بارزين آخرين ومناقشة تشكيلة واسعة من القضايا الاقليمية والامنية، ركزت تكهنات كثيرة في الصحافة الاميركية والمؤسسات الفكرية على من سيخلف الرئيس المصري الذي يحكم البلاد منذ ثمانية وعشرين عامًا.

في الموقع الالكتروني لمجلة السياسة الخارجية ذات النفوذ ومقرها واشنطن، أشار الصحافي المصري ايساندر العمراني الى ان العديد من الديمقراطيين المصريين حولوا تأييدهم الى عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات المصري باعتباره بديلاً مقبولاً لرئاسة جمال مبارك. العمراني اشار ايضًا الى ان تعديلات دستورية تجعل من الصعب على سليمان التنافس على الرئاسة إلا اذا تخلى عن منصبه العسكري وتحول الى عضو من مرتبة عليا في حزب سياسي لمدة تزيد على عام واحد.

وتساءلت صحيفة واشنطن بوست في افتتاحيتها يوم الثلاثاء عما اذا كان مبارك سيسمح بإجراء انتخابات حرة اساسًا. كتبت الصحيفة: "مع تخفيف الضغط الاميركي ( على مبارك في فترة اوباما )، كثف النظام من قمعه السياسي". وانتقدت الصحيفة ايضًا سياسة اوباما "الواقعية" القائمة على التقليل من اهمية انتهاكات حقوق الانسان في مصر.

خلال المقابلة التلفزيونية سأل شارلي روز مبارك بشكل مباشر إن كان يظن ان نجله "جاهز لأن يكون رئيسا". فأجاب مبارك: "سأطرح السؤال عليه، او ربما يمكنك طرح السؤال عليه. لا تسألني انا". مبارك قال ايضًا: "بلدنا واسع، وهو بلد مستقر وسيبقى مستقرًا بعد مبارك وبعد الرجل الذي سيخلف مبارك". وردًا على سؤال عما إذا كان مبارك سيرشح نفسه للانتخاب مرة اخرى في عام 2011 قال: "جهدي الأساسي إنهاء برنامجي، انه للشعب، كان لدي برنامج في الانتخابات وكل القضايا في البرنامج تسير بشكل جيد، هذا هو همي الأساسي ليس إذا كنت سأجدد أم لا، لا أفكر في هذا الأمر الآن".

قال مبارك ايضًا إنه لا ينوي حل البرلمان المصري كما ذكرت بعض التكهنات غير انه لم يستبعد هذا الاحتمال. مبارك اضاف بالقول: " هناك حرية التعبير ويقول الناس انه قد يتم حل البرلمان وسيتم تعيين هذا الشخص او ذاك وان الحكومة قد تُقال. وأنا لا اهتم كثيرًا بهذه الامور". ثم اضاف: " اسمع هذه الاشاعات مثل اي شخص آخر. لا يمكنني القول بأنني لن احل البرلمان فربما تأتي ظروف معينة. لا توجد ظروف حاليًا ولكن قد تأتي ظروف تتطلب حل البرلمان، ولكن حاليًا، ليست هناك اي نقطة تستحق حل البرلمان".

وردًا على سؤال عما إذا كان من الممكن ان يبرز مرشح للرئاسة دون دعم الجيش قال حسني مبارك: "هذا الأمر ربما.. يمكن أن يتغير بعد ذلك. هذا ربما يتغير. لا أحد يعرف من سينجح، فنحن لدينا انتخابات، وعندما يحين وقت الانتخابات، سيصوت الناس. ناصر كان ضابطًا في الجيش، والسادات كان ضابطًا في الجيش، وأنا بقيت في الجيش والقوات المسلحة حتى وصلت إلى أعلى منصب، وشهدت التحرك في أكتوبر، وتم تقليدي أرفع الأوسمة على أعلى المستويات، ان يصبح المرء رئيسًا ليس بالامر البسيط. لقد عملت نائبًا للرئيس وبذلت جهودًا كبيرة طوال ست سنوات كنائب للرئيس، ثم توليت منصب الرئيس".

مبارك قال ايضًا إنه لا يوافق على ان يكون جميع الرؤساء في المستقبل مقبولين لدى الجيش. وردًا على سؤال يتعلق بقانون الطوارئ في مصر والمطبق منذ عام 1981 قال مبارك: " إنكم لا تفهمون قانون الطوارئ بشكل كامل. كان القانون موجودًا منذ ايام الاحتلال البريطاني... نحن نقصر لجوءنا الى قانون الطوارئ على الجرائم الارهابية. وفي الحالات الاخرى نطبق حكم القانون بموجب القوانين الطبيعية. وقانون الطوارئ هذا وافقت عليه اغلبية الشعب الممثل في البرلمان... لم نستخدمه بهدف اغلاق صحيفة او احتواء او تحديد اي حركة او حرية الحركة. أي كلام آخر لا اساس له من الصحة".

في ما يتعلق بآفاق السلام بين اسرائيل والفلسطينيين قال مبارك: " علينا ان ننظر الى القضية بأكملها بصفة شاملة للتفاوض على الحل النهائي ". وأضاف أنه سيكون من الخطأ تأجيل المفاوضات الصعبة الى وقت لاحق في سياق العملية بل يجب مواجهتها منذ البداية.

مبارك قال ايضًا إنه لا يعتقد ان السلام سيكون ممكنًا دون تحقيق الوحدة بين فتح وحماس. مبارك قال: " نحن نعمل من اجل هذا ونبذل جهودًا حثيثة لكي تكون هناك بعض التقارب، ولا تزال بعض النقاط الصغرى التي نسعى للتغلب عليها بين حماس وفتح. وإذا وصلنا إلى هذه النقطة فأعتقد أن عملية السلام ستسير بعدها بشكل أسهل بكثير ". في ما يتعلق بالرئيس اوباما وصف مبارك نفسه بأنه متفائل جدًا بالرئيس الاميركي. مبارك قال " إنه متوازن في جميع كلماته وخطبه لاسيما في مواجهة تصاعد العنف، خاصة في العراق، ومخاوف الدول العربية. اعتقد ان خطاب اوباما في القاهرة كان رائعا ".

غير ان مبارك لم يستخدم مثل هذه الكلمات اللطيفة في معرض حديثه عن الرئيس بوش الذي قال عنه إنه بسياساته في العراق وفي افغانستان جعل مشكلة التطرف تتفاقم. قال مبارك إنه لم يجر زيارة الى الولايات المتحدة منذ عام 2004 لإنه لم يكن يشعر بالراحة مع الرئيس بوش. مبارك انتقد ايضا أجندة الرئيس بوش المتعلقة بالديمقراطية وقال: "لا نقبل الضغوط في السياسة او في السياسات الداخلية من اي ادارة، مع احترامي لكافة الحكومات. لا نقبل الضغوط بحجة الاصلاح الداخلي".

عندها سأل شارلي روز مبارك: " هل تعتقد أن لدى الرئيس اوباما موقفًا وفكرة عن الديمقراطية والاصلاح تختلفان بشكل علني عن موقف وفكرة الرئيس بوش؟ هل قال لك ذلك؟ ". رد حسني مبارك بالقول: " لا يمكنني قول ذلك بالتحديد. لكنني اعتقد ان الرئيس اوباما يدرك تمامًا ما فعلته الادارة السابقة. الديمقراطية موجودة في مصر. لدينا حريات لم تكن موجودة في السابق. لدينا انتخابات للرئيس. لدينا حرية الصحافة. لدينا حوالى 600 صحيفة يومية واسبوعية. طورنا وعززنا من سلطة البرلمان بحيث يمكنه اسقاط حكومة. إننا ننفذ اصلاحات تقوم على مطالب الشعب. وأعتقد أن على الرئيس اوباما ان يفهم ذلك جيدًا جدًا".

وردًا على سؤال يتعلق بالاخوان المسلمين وعلاقاتهم بحماس قال مبارك: "أعلم أن لديهم بعض الارتباطات معهم، لديهم ارتباطات بحماس، ولديهم ارتباطات بحزب الله، وهذا كله معروف، ولديهم ارتباطات بالعديد من المنظمات، ولديهم ارتباطات بأشخاص من جماعة الإخوان المسلمين الدولية التي تتخذ من جنيف وأماكن أخرى مقرًا لها، لكننا نستطيع احتواء كل هذا... لا نخشى مثل هذه الامور".

عندئذ سأل شارلي روز مبارك بشكل مباشر: "هل تعتقد أن وجود الاخوان المسلمين في صالح مصر؟".
فأجاب مبارك: "طالما لم يرتكبوا أي جرائم إرهابية، فالأمر لا يهمني". مبارك ناقش روز بعد ذلك وطلب منه "قراءة التاريخ" كي يفهم الاخوان المسلمين بشكل افضل وقال: " اقرأ التاريخ رجاءا. التاريخ موجود كي يُقرأ". اجاب شارلي روز بالقول: "كان تاريخ مصر على مدى السنوات الثماني والعشرين الماضية، تاريخ رجل واحد، حسني مبارك، هذا هو تاريخ مصر. ما هي تركتك؟ ما الذي تفخر به؟ ماذا سيقولون عنك عندما تغادر؟".

رد حسني مبارك بالقول: "ما سأتركه ورائي هو أنني ظللت أعمل في الخدمة العامة طوال 60 عامًا. لقد شاركت وشهدت تحركات. وأعدت بناء البلد بعد العمل العسكري، وقمنا بتجديد البنية التحتية بأكملها في مصر، ونحن نقوم بتحسين التعليم، ونقوم بتوسيع التعليم، ونبني جامعات، ونقوم بأمور أخرى كثيرة".

وفي ما يتعلق بإيران، انتقد مبارك حكومتها لتدخلها في الشؤون العربية الاقليمية. وقال ايضًا: "إنهم لا يهتمون بغزة " وهم "لا يهتمون بلبنان". وفي اشارة الى الازمة السياسية المستمرة في ايران والاتهامات الصادرة عن حكومة طهران بتدخل قوى اجنبية في الشؤون الايرانية، قال مبارك: "أقول لإيران إن كنتم تشكون من تدخلات قوى خارجية في ايران فأنا اقول لكم، لا تتدخلوا في الشؤون الداخلية للدول العربية الأخرى مثل لبنان وحماس وغيرها. ما دمتم تشكون من التدخل الخارجي او الاجنبي، فلا تفعلوا الشيء نفسه مع دول اخرى".

رفض مبارك فكرة وجود تنافس ستراتيجي بين ايران ومصر وقال "إنهم يحاولون السيطرة على بعض المناطق غير انهم لن ينجحوا في ذلك. نحن قادرون، ونحن لا نتنافس معهم. ودورنا معروف في المنطقة". مبارك لاحظ ايضًا انه سيكون من الخطأ بالنسبة إلى اسرائيل او الولايات المتحدة تنفيذ عملية عسكرية ضد ايران بسبب برنامجها النووي ورأى أن من الافضل للولايات المتحدة وايران حل مشاكلهما دبلوماسيًا. وقال "إنني ضد استخدام القوة العسكرية. لذلك اقول يجب حل هذه المسائل بشكل ودي وسلمي ".

مبارك اضاف بالقول انه لم يلتق على الاطلاق اي مسؤول ايراني بارز ليبلغهم بشكل شخصي بوجهات نظره. ردا على سؤال يتعلق بدور سوريا، قال مبارك: " لا اريد التحدث عن سوريا على الرغم من ان هناك بعض المشاكل معهم، غير انها بلد عربي وبلد صديق. أضف إلى انهم لا يمكنهم التوقف-ربما يعرقلون بسبب تدخل ايران لأن مقر المكتب السياسي لحماس في دمشق، غير ان الشعب يريد السلام. حتى شعب غزة يريد السلام ".

وعندما سأل شارلي روز مبارك عن دور قطر في المنطقة قال حسني مبارك: " لا تدخلني في مشاكل ". فضحك شارلي روز وأصر على السؤال. أجاب مبارك: " قطر يمكن ان تؤدي دورًا جيدًا... لو ارادوا ذلك. لو ارادوا ذلك... ولكن لست متأكدًا فلا شيء واضح امامي لأقرر هذا... إذا كان بمقدورهم أن يقوموا بدور جيد لأجل السلام فسنصفق لهم. نحن نريد السلام"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك على الخبر

شاهد ايضا