728

الأربعاء، 9 سبتمبر 2009

الحروب تحول نخيل العراق لـ "أعجاز خاوية"



رويترز


Image
إذا كان التمر هو طعم ومذاق شهر رمضان في مشارق الأرض ومغاربها، فإن رمضان العراق أضحى عديم المذاق، فبينما كانت بلاد الرافدين يوما من أكبر الدول المنتجة في العالم لأجود أنواع التمر أضحت تعاني حاليا من نقص شديد في إنتاج هذا النوع من الفاكهة بعدما أصبح النخيل ذو السمعة العالمية العالية مجرد "أعجاز نخل خاوية".

وأثر نقص المياه وزيادة مستويات الملوحة في التربة والتصحر وعشرات الأعوام من الحروب سلبا على الإنتاج الزراعي في العراق، وألحقت تلك العوامل ضررا كبيرا بنخيل التمر في مدينة البصرة بجنوب البلاد.

وتقول وزارة الزراعة إن مستوى الملوحة في التربة ارتفع في 40 % على الأقل من الأراضي الزراعية خاصة في وسط وجنوب البلاد، بينما امتد التصحر إلى ما بين 40 و50 % من الأراضي التي كانت زراعية في السبعينيات.

وأدى ذلك إلى انخفاض إنتاج التمر في العراق حاليا إلى أدنى مستوياته، وذكر الخبير الزراعي علي توفيق أن دولة الإمارات أصبحت حاليا الأولى في العالم في إنتاج التمر.

وقال توفيق "دولة الإمارات بها أكثر من 24 مليون نخلة منتجة، وأصبحت الدولة الأولى في العالم في إنتاج النخيل بعدما كان العراق متربعا على هذا العرش لمئات السنين. احنا (نحن) البداية الدمار اللي (الذي) صار البلد نتيجة الحرب العراقية الإيرانية واللي ينتج عنها هلاك وإزالة الآلاف من الدونمات من خيرة أنواع التمور الموجودة عدنه (لدينا) في البصرة".

وأزيل العديد من بساتين النخيل خلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات وخلال أكثر من ست سنوات من الحرب الأمريكية على العراق التي بدأت عام 2003.

وأضاف توفيق "قبل الحرب (العراقية الإيرانية) العراق كان به أكثر من 30 مليون نخلة.. اليوم النخيل المنتج بالعراق ما يتجاوز.. إني أكون متفائلا إذا قلت خمسة ملايين نخلة وأتحدى أي واحد باليوم يقول العراق ينتج أو في البصرة بالذات أن يقول هسه (الآن) بها إنتاج 50 ألف طن".

تراجع

وبعد أن كان العراق ينتج ثلاثة أرباع محصول التمر الإجمالي في العالم ويوجد فيه 629 نوعا مختلفا من التمور أصبح حاليا يأتي تاليا لمصر وإيران والسعودية في ترتيب الدول المنتجة، بحسب وكالة رويترز.

ويقول فارون أحمد حسين رئيس المكتب الوطني العراقي للتمر إن الإنتاج يتراوح حاليا بين 300 ألف طن سنويا وهو نحو ثلث حجم الإنتاج عام2000

وتضرر القطاع الزراعي العراقي بصفة خاصة خلال السنوات القليلة الماضية وهو أمر يمكن ملاحظته على نطاق أوسع في بساتين النخيل العراقية؛ حيث جفت الأشجار وذبلت من جراء نقص المياه والعواصف الرملية الكثيفة التي تهب على البلاد من حين لآخر.

وقال عامل في بستان للنخيل بالبصرة يدعى هيثم عبد الحسين "شحة الماء صعد علينا ماء البحر ووصل لهنا. يعني ما ظل زرع عندنا والتراب أثر على النخيل الجو المترب. ما رشوا (لم ترش) دواء للحشرات يسمونها العنكبوت تصعد على العثك (التمر)."

وأصيب العديد من أِشجار النخيل العراقية بالأمراض على مر الأعوام، وتحول لون سعف بعضها إلى البني، وظهر على البعض الآخر عفن أبيض يشبه خيوط العنكبوت.

وصدرت تعليمات للزراع بتقليص الري بسبب الجفاف إلى مرتين شهريا بدلا من مرة أو مرتين في الأسبوع.

وأصاب جفاف طويل المنطقة الممتدة من تركيا إلى أفغانستان، وفقد الزراع في العديد من الأماكن في قرب انتهائه. ويقول خبراء إن الجفاف بدأ عام 2007 عندما تراجع منسوب الأمطار في العراق وجنوب تركيا إلى ما بين 30 و40 في المائة من مستواه العادي. وانخفض منسوب الأمطار أيضا هذا العام بنسبة 30 في المائة.

وذكر شلتاغ عبود محافظ البصرة أن الجفاف وتأثيره على الزراعة أجبر بعض سكان البصرة على ترك أراضيهم والبحث عن عمل في مناطق أخرى.

وقال عبود "هذه القضية شغلتنا جميعا في الفترة الأخيرة؛ لأنها شكلت خطورة على حياة الناس وعلى زراعتهم وعلى حيواناتهم، وربما اضطر بعضهم إلى الهجرة من هذه الأماكن التي كانت غنية بالزراعة، وكانت تشكل ثروة جيدة للبصرة والعراق. امتد اللسان الملحي من الخليج.. من الفاو.. وبدأ يتدرج حتى وصل ضواحي أبي الخصيب لأول مرة في تاريخ العراق".

والزراعة من أكبر القطاعات في العراق ويعمل بها 82 في المائة من السكان في الأوقات العادية. لكن العديد من المزارعين انضموا حاليا إلى طوابير العاطلين في انتظار المساعدة حتى موسم الأمطار المقبل.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك على الخبر

شاهد ايضا