728

الأربعاء، 9 سبتمبر 2009

التطبيع بإعلام إسرائيل.. تكتيك "تعجيزي" للعرب


عبد المنعم فريد


Image
القدس المحتلة - تصاعد في الآونة الأخيرة الحديث عن "التطبيع" العربي في وسائل الإعلام الإسرائيلية؛ حيث تكررت أخبار وأنباء تكشف عن "موافقة" دول عربية عن اتخاذ خطوات تطبيعية مع إسرائيل، وهو ما تنفيه تلك الدول في ظل استمرار الممارسات الإسرائيلية الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ورأى خبراء في تصريحات لإسلام أون لاين.نت أن توالي صدور هذه الأنباء التي تنسب في أغلب الأحيان إلى "مصادر عليمة" دون تسميتها تهدف إلى استجلاب "النفي العربي العلني" لهذه الأنباء مما يضع الدول العربية في موقف الرافض للمبادرات الأمريكية الهادفة لحلحة عملية السلام المتجمدة بالرغم من استمرار إسرائيل في سياسة الاستيطان، الأمر الذي وصفوه بـ"تكتيك تعجيزي" لتبرير السياسة الإسرائيلية.

وفي أحدث حلقات التطبيع التي تكررها وسائل الإعلام الإسرائيلية ما أثير من شائعات أمس الإثنين 8-9-2009 حول زيارة سرية قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى دولة عربية لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل التقى خلالها رئيس هذه الدولة ومسئوليْن من دولتين عربيتين أخريين.

وزادت من الشائعات أن مكتب نتنياهو كان يرد على الاتصالات الهاتفية التي تسأل عن نتنياهو بالقول "إنه يقوم بجولة" من دون أن يوضح أي شيء آخر، وفقا لما نقلته صحيفة "جيروزليم بوست" الإسرائيلية اليوم الثلاثاء 8-9-2009.

وبعد ساعات من التخمينات والتأويلات، والكم الهائل من الاتصالات الهاتفية، أصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بيانا مقتضبا جاء فيه: "أفاد المرافق العسكري لرئيس الوزراء بأن بنيامين نتنياهو قام بزيارة لمنشأة أمنية داخل إسرائيل".

وكانت الإذاعة الإسرائيلية قد ذكرت الثلاثاء أن نتنياهو مكث نحو 14 ساعة من يوم أمس في مقر جهاز الاستخبارات السري "الموساد"، وهي إحدى المنشات الأمنية بوسط إسرائيل.

ودائع عربية

وسبق أن نقلت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية مؤخرا عن مسئولين كبار في الحكومة الأمريكية رفضت الكشف عن هويتهم قولهم إن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، جورج ميتشل، حصل على وعود من دول عربية عديدة بتقديم خطوات تطبيعية تجاه إسرائيل.

وأضاف المسئولون للصحيفة أن دولا عربية عدة رفضت تسميتها وافقت على افتتاح ممثليات إسرائيلية لديها، ودول أخرى وافقت على منح تأشيرات دخول لرجال أعمال وسائحين إسرائيليين وفتح شبكات الهواتف للاتصال بإسرائيل.

كما أشار المسئولون الأمريكيون إلى أن دولا عربية على استعداد لإجراء لقاءات علنية مع مسئولين في الحكومة الإسرائيلية.

كما ذكرت مصادر إعلامية إسرائيلية الشهر الماضي أن الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل بأن دولتي قطر وعُمان على استعداد لاستئناف علاقاتهما مع إسرائيل مقابل أن توافق حكومة نتنياهو على تجميد الاستيطان في الضفة الغربية والقدس، ولم يصدر تأكيد رسمي بهذا الخصوص من جانب قطر أو سلطنة عمان.

وفي هذا الصدد أيضا ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن 4 دول عربية وافقت من حيث المبدأ على جملة من الخطوات التطبيعية مع إسرائيل، في مقدمتها فتح مجالاتها الجوية لشركة الخطوط الجوية الإسرائيلية (العال).

وفي مقابل تكرار نشر تلك الأنباء، كررت الدول العربية نفيها لها مشددة على انه "لا تطبيع دون مقابل"، وهو ما يعني أن توقف إسرائيل للاستيطان بشكل كامل في الأراضي المحتلة كي يتخذ العرب خطوات تطبيعية مثل إعادة فتح مكاتب التمثيل الإسرائيلية.

اختراق العرب

وفي تعليقه على هذه الأخبار، اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني، هاني المصري، اهتمام الإعلام الإسرائيلي بقضية التطبيع "محاولة من إسرائيل لتعزيز سياسة اختراق العرب وفرض الأمر الواقع عليهم دون تقديم ما يفيد القضية الفلسطينية، ومحاولة منها لفرض تبرير الخطوات الاستيطانية التي تعتزم حكومة نتنياهو القيام بها".

وأضاف المصري، في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت" أن الحديث الإسرائيلي عن موافقة دول عربية على التطبيع في هذا التوقيت الذي تزيد فيه إسرائيل من مستوطناتها يعد مكسبا مغريا لإسرائيل، ليعطي لها فرصة أكبر في تغيير الموقف الأمريكي المطالب بتجميد الاستيطان والاكتفاء بما تقوله إسرائيل إن ما تقوم به هو مجرد "استيطان جزئي".

ولفت المصري إلى أن "إسرائيل تقوم بعملية مقايضة علنية لوضع العرب في موقف لا يحسدون عليه، ففي حالة رفضهم التطبيع فإن ذلك يجعل إسرائيل في حل من أي اتفاق، وبالتالي تكسب وقتا أكبر للحصول في النهاية على شرعية الاستيطان".

دون مقابل

وفي نفس السياق، قال المحلل السياسي الفلسطيني، طلال عوكل، إن ما يبثه الإعلام الإسرائيلي من أنباء عن التطبيع هو "تكتيك تعجيزي" للضغط على العرب كي يوافقوا على التطبيع دون مقابل من الجانب الإسرائيلي.

واعتبر عوكل في تصريحات لإسلام أون لاين.نت أن "مطالب إسرائيل الأولية في التطبيع ولعل أبرزها فتح المجال الجوي العربي لطيرانها، وإقامة ممثليات إسرائيلية في الدول العربية بأنه نوع الابتزاز السياسي الذي يصب في مصلحة إسرائيل ويضعف الموقف العربي".

وسبق أن أبدت عدة دول عربية مواقف متباينة بشأن الضغوط الأمريكية للتطبيع مع إسرائيل، ففي حين أبدت البحرين من خلال مقال لولي العهد، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، في صحيفة "واشنطن بوست" الشهر الماضي استعدادها للتطبيع مع إسرائيل عبر القنوات الإعلامية، قالت كل من الكويت والسعودية: إن التطبيع والسلام مع إسرائيل يجب أن يسبقه "التزام إسرائيلي بالشروط الواردة في المبادرة العربية للسلام".

وتنص المبادرة العربية للسلام التي تبنتها قمة بيروت العربية عام 2002 على أن تعيد إسرائيل كل الأراضي المحتلة قبل عام 1967 ومنها القدس مقابل تطبيع شامل مع الدول العربية.

وتخطو واشنطن حاليا خطوات غير مسبوقة لإقناع إسرائيل بالكف، ولو مؤقتا، عن البناء في المستوطنات؛ لتمهيد الطريق أمام استئناف عملية السلام؛ لمحو صورة الفشل الأمريكي في حل صراع الشرق الأوسط التي رسمت ملامحها سياسات الرئيس السابق جورج بوش الابن والتي وصفت بالانحياز لإسرائيل.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك على الخبر

شاهد ايضا