728

الأربعاء، 9 سبتمبر 2009

بعد تفجيرات إندونيسيا وحادث الإعتداء على الأمير محمد بن نايف الجدل يزداد حول جدوى برامج "إعادة تأهيل" الإرهابيين

الأتراك يبحثون عن دور أكبر لمحاربة "الارهاب" في أفغانستان

أشرف أبو جلالة من القاهرة: تُفرِد صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأميركيّة في عددها الصادر الإثنين تقريرًا مطوّلاً تحت عنوان "ما مدى فاعلية برامج تأهيل الإرهابيين؟"، وقد تحدّثت فيه عن جدوى تلك البرامج التي بدأت تستعين بها مؤخرًا وزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية وكذلك إندونيسيا في إطار مخططاتهما الرامية إلى مكافحة الإرهاب. ويدور حديث الصحيفة في البداية حول الدور المفترض لتلك البرامج، وإذا ما كانت تلك المحاولات التي تم بذلها لإبعاد المسلحين عن الإرهاب قد باءت بالفشل أم لا.

لكن الصحيفة سرعان ما عاودت لتشكك في جدوى تلك المراكز التي تقدم تلك الخدمات التأهيلية ( أو ما يُعرف بالمناصحة الدينية ) بعد الحوادث الإرهابية الأخيرة التي شهدتها كل من إندونيسيا وكذلك المملكة العربية السعودية على يد أناس من المفترض أنهم من خريجي تلك المراكز. فتقول الصحيفة إنه وفي الوقت الذي سبق وأن حظيت فيه الشرطة بإندونيسيا على إشادة بسبب سجلها الحافل في مجال إعادة تأهيل المتطرفين المتشددين، وتحويلهم إلى مخبرين ومساعدين، لم تثبت تلك البرامج نجاحًا كاملاً، حيث خرج أحد المؤهلين منها ليسلك طريقه من جديد إلى الإرهاب، حتى لقى حتفه في أغسطس/آب الماضي أثناء تبادل لإطلاق النار مع قوات الشرطة.

وفيما تقول الصحيفة بأن المملكة العربية السعودية كانت تُعد نموذجًا جيدًا هي الأخرى في مجال إعادة تأهيل الإرهابيين، فإنها ربطت بين التفجيرات الإرهابية التي شهدتها إندونيسيا مؤخرًا وبين واقعة الاعتداء التي تعرض له أيضًا الأمير محمد بن نايف، مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، قبل أسبوعين، بعد أن قالت إن من قام بتنفيذه هذا الاعتداء هو أحد خريجي تلك البرامج، وهي معلومات غير مؤكدة حيث لم يشر لها رسميًا ولا إعلاميًا، ولم يتم تناقلها حسب المعمول به لدى لجان المناصحة في حالات مماثلة.

وتمضي الصحيفة لتقول إنه وفي الوقت الذي لا تدري فيه الكثير من دول العالم ( ومن بينها باكستان، واليمن، والولايات المتحدة ) ما يجب أن تفعله مع المشتبه في انتمائهم لتنظيمات إرهابية داخل السجون، تبدو الحالات في إندونيسيا والمملكة العربية السعودية أشد خطورة، حيث أضحت قضية إعادة التأهيل قضية ملحة ومحيرة.

وفي هذا الإطار، تنقل صحيفة "جاكرتا بوست" – التي تصدر في إندونيسيا - عن سيدني جونز، مستشارة مجموعة الأزمات الدولية البارزة بالقارة الآسيوية، تأكيدها على أن الهجمات التي تعرضت لها اندونيسيا مؤخرًا قد تسببت في توليد قدر كبير من الانتقادات للجهود التي تبذلها البلاد في سبيل إعادة تأهيل الإرهابيين. لكنها أشارت في الوقت ذاته إلى أن ذلك لا يعني أن النظام بأسره يحتاج إلى تغيير. كما عبرت جونز عن اعتقادها بأن البلاد تحتاج إلى زيادة تعزيز سُبل التعاون بين مؤسسات الدولة بما في ذلك الوزارات والشرطة. وتابعت بالقول :" إذا نظرنا إلى برنامج التأهيل في السعودية، سنجد أنه متكامل للغاية، في ظل وجود قطاعات حكومية مختلفة معنية بالأمر".

هذه الإشادة تتفق تمامًا مع ما يراه العديد من المراقبين أن برنامج المناصحة الذي تقوم عليه وزارة الداخلية السعودية ويهدف إلى مناصحة الموقوفين في القضايا والأحداث الأمنية هو برنامج ناجح حتى الآن وحقق إنجازات عديدة وإن لم تعلن أي إحصاءات في هذا الشأن . البرنامج كما أوضح عند تدشينه وزير الداخلية السعودي هو برنامج توجيهي شامل يهدف إلى مناصحة الموقوفين في القضايا والأحداث الأمنية ، وتشارك فيه نخبة مختارة من العلماء والدعاة والمفكرين والمتخصصين في العقيدة والعلوم الشرعية والنفسية والاجتماعية والسلوكية حيث بدأت عملها منذ عامين تقريبًا تحت إدارة العلاقات العامة والتوجيه في وزارة الداخلية وباشراف مباشر من مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف.

إضافة إلى ذلك تناقلت وسائل الأنباء إشادة رئيس المحكمة العليا البريطانية السير كرستوفر بيتشر به وقوله لصحيفة الرياض السعودية "إن برنامج المناصحة جيد جدًا ونتائجه ايجابية ونعتقد أننا يمكن أن نستفيد منه بشكل كبير . هذه الجزئية تحتاج بريطانيا فيها إلى مساعدة المملكة" . ولعله من أبرز ما أعلن عن نشاط البرنامج مانشر في جريدة الحياة السعودية من قيام لجنة المناصحة بتأهيل عدد من المتأثرين بالفكر التكفيري الشاذ ومنهم 16 عائدًا من معتقل غوانتانامو ضمن الدفعة الثامنة حيث " ينتظرون تسلّم 16 سيارة خلال أيام، قدمها لهم مركز الرعاية والتأهيل للمفرج عنهم التابع لوزارة الداخلية ، و أن جهات مختصة طلبت من 16 عائدًا، تسليم صورة من بطاقة الهوية الوطنية، لمنحهم سيارة بهدف إعادتهم إلى الواقع السليم وإشعارهم أنهم مرغوبون بين أسرهم ومجتمعهم ".

ومن أبرز الأسماء التي تجاوبت وسلمت نفسها فهد رقاد الرويلي، وذلك بمساندة من ذويه،. وكذلك أحد أشهر الأسماء في القائمة المعلنة ذاتها محمد العوفي هو أحد العناصر المهمة الذي سلم نفسه للسلطات السعودية، بعد هروبه من السجن وخضوعه لبرنامج المناصحة ، وتكمن أهميته في منصبة الإرهابي وهو القائد الميداني في تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية. وقد بلغ عدد الذين سلموا أنفسهم خلال العام الحالي 2009 فقط خمسة أشخاص من أبرز الأسماء وأخطرها في قوائم الإرهاب وهناك توقعات بزيادة العدد في ظل التأكيدات السعودية بضمان وحماية من يقوم بتسليم نفسه، وإدخاله ضمن برنامج المناصحة تمهيدًا لعودته إلى أهله وذويه.

وفي المقابل، يبرز منفذ "نيوز ماكس" الإخباري الأميركي المحافظ ما قاله مدون يدعى توفيق حامد عن أن "النظام التأهيلي في السعودية بحاجة لإصلاح جذري. وأن التصريحات السياسية عن نجاح البرنامج ليست كافية لاعتباره فاعلاً. وأن هناك حاجة أيضا ً لإجراء تحليلات إحصائية مُفصّلة وعقد مقارنة بإحدى مجموعات المراقبة في أي بلد شرق أوسطي آخر لا يستعين بتلك الطريقة بغية إجراء تقييم أفضل للبرنامج السعودي. فقد يتضح أن استخدام أساليب أخرى أفضل من حيث الفاعلية، أو أن إيداع الإرهابيين بالسجن أو إخضاعهم للمراقبة إلى أجل غير مسمى قد يسفر عن نتائج أفضل. في حين قد يُسهل الإفراج عن الإرهابيين في واقع الأمر من انتشار الفِكر المتطرف".

وتحدثت " كريستيان ساينس مونيتور" عن برنامج "إعادة التأهيل" الذي أسسه اليمن مؤخرًا، وهو برنامج مشابه للبرنامج الخاص بالمملكة العربية السعودية، وقالت إن اليمن لجأت لتأسيسه كمحاولة من جانبها لإقناع الولايات المتحدة بترحيل المعتقلين اليمنيين في غوانتنامو. في حين عبرت جماعات حقوق الإنسان عن شكوكها في ذلك البرنامج، محذرين من أن "مثل هذه البرامج لا تُتَرجم دائمًا إلى تحول عملي". بينما أشارت الصحيفة لمقالة رأي نشرتها مؤخرًا، وقدّ كانت تتحدث عن أهمية هذا الأمر أيضًا بالنسبة إلى الولايات المتحدة، نظرًا لأن كثيرًا من المعتقلين المحتجزين بغوانتانامو قد يُطلق سراحهم في بلدان يصعب فيها إدارة برامج إعادة التأهيل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك على الخبر

شاهد ايضا