728

الجمعة، 11 سبتمبر 2009

طلاب وطالبات الطب يرابطون في الحـرم النبوي لرعاية المرضى

الدمام: غازي بن عبد الملك
عشرات من طلاب وطالبات الطب يتوزعون على مدار اليوم في مواقع مختلفة داخل المسجد النبوي، وفي ساحاته الواسعة.غايتهم خدمة زوار الحرم النبوي، وتقديم خدمات الرعية الصحية الأولية لهم من خلال مشروع "التطوع الإسعافي".قرروا بالإجماع أطباء وطبيبات المستقبل أن يمتد نشاطهم التطوعي في الأيام العشر الأواخر من رمضان على مدار 24 ساعة يوميا.ليسوا وحدهم في خدمة زوار الحرم النبوي، حيث تدعمهم هيئات عديدة، تشجيعا لهم على أداء مهمتهم.
في مقدمة تلك الهيئات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهيئة الهلال الأحمر التي أمدتهم بجميع ما يحتاجون إليه لإنقاذ المرضى، وإسعافهم، وكذلك لجنة الإنسانية والسلام التابعة للجمعية الوطنية لطلاب الطب.
نجحوا في توفير الرعاية الصحية لأكثر من 3700 زائر حتى الآن، وأملهم أن يتمكنوا من رعاية أضعاف هذا العدد مستقبلا. فماذا عن "مشروع التطوع الإسعافي في المسجد النبوي الشريف"؟ وكيف نشأت فكرته؟ وإلى أي حد نجح القائمون عليه في خدمة زوار الحرم النبوي؟.
جولة لـ"الوطن" على مواقع المشروع كشفت أنه يضم 6 لجان تنفيذية موزعة إلى فرقتين، الأولى إدارية وتشمل لجنة التسجيل والمتابعة، ولجنة الإحصاء، إضافة إلى اللجنة الإعلامية.
أما الفرقة الثانية فهي ميدانية، وتضم لجان الإشراف الميداني والتموين والعمليات، وترتبط جميعها بشبكة من الأجهزة اللاسلكية تسهل إتمام العمل.
المنظمون للمشروع يؤكدون أنه فتح باباً للتعاون الأخوي المشترك بين طلبة الطب في المدينة المنورة وغيرها من مدن المملكة.
كما أتاح الفرصة أمام الطلاب لتعزيز ثقتهم بأنفسهم عبر المشاركة المستمرة في الأعمال التطوعية والميدانية، والتواصل مع جنسيات وشرائح مختلفة من الناس.

دورات تدريبية
ويضم فريق العمل طلاب كليات الطب والعلوم الطبية والأسنان والصيدلة وغيرها من الكليات الصحية في المدينة المنورة وخارجها، حيث اجتازوا جميعا دورتين علميتين، الأولى في الإسعافات الأولية (First Aid) والثانية في الإنعاش القلبي الرئوي (BLS).
وسيستمر المشروع حتى نهاية شهر رمضان، ويغطي فريق المتطوعين الشبان جميع الحالات الإسعافية خلال ليالي الشهر الكريم، وسترتفع فترات عملهم لتكون مستمرة على مدار 24 ساعة خلال العشر الأواخر.
وينطلق عمل المتطوعين من نقطة التجمع المتمثلة بمركز الهلال الأحمر باب السلام، حيث يوزع المشرف الميداني المسعفين على مناطق التمركز بحيث تتم تغطية الحرم كاملاً بـتسع فرق، وتحوز المنطقة الشمالية خاصة على أكبر عدد من المسعفين عند بابي 17 و25 .
وعقب التوزيع، يأتي عمل لجنة التموين بإمدادهم بالحقائب الإسعافية والأوكسجين والجبائر الطارئة، إضافة إلى أجهزة التواصل اللاسلكية، ثم تتوجه الفرق إلى مراكزها لممارسة عملها في إسعاف المرضى ومساعدتهم.
وتباشر الفرق تعاملها مع أي حالة بترميز وضعها، فلكل مرض رمز متعارف عليه يُسهّل عملية الإحصاء والمتابعة، فأمراض القلب يرمز لها بالرقم 15، وحالات السقوط 8، وحالات نفسية 20 وحالات إغماء 17، ويرافق ذلك تبليغ المسعفين غرفة العمليات عن وضع الحالة، وإمكانية علاجها في الموقع، أو نقلها إلى المركز الصحي القريب.

تيسير الإجراءات
المشرف على المشروع طبيب الامتياز تركي النزهة يشيد بتفاعل مسؤولي وموظفي هيئة الهلال الأحمر السعودي وتعاونهم، مؤكداً أهمية الدور الذي لعبته الهيئة في إنجاز المشروع، خاصة توفير مختلف المتطلبات الإسعافية، علاوة على تسهيل جميع الإجراءات الإدارية.
ويقول: إن جميع المتطوعين يحملون بطاقات تعريفية مصدقة من الهلال الأحمر، وعليها شعار جمعية طلاب الطب، إضافة إلى أن السترة التي تميز أعضاء الفريق مختومة بشعاري الهلال الأحمر والجمعية".
ويضيف أن هيئة الهلال الأحمر أتمت دورة عن الإسعافات الأولية، وأخرى عن الإنعاش القلبي الرئوي لجميع المسعفين المتطوعين، علاوة على تأمينها الحقائب الإسعافية المتكاملة وتوفيرها عبوات الأوكسجين المحمولة، وتوجت تعاونها مع المشروع بتسخير 7 عربات نقل و4 سيارات إسعاف وسيارتي عناية خاصة.
كما يشيد النزهة بالتعامل الإيجابي للمسؤولين في الرئاسة العامة لشؤون الحرم النبوي، وتسهيلهم مهام عملهم، مؤكدا تعاون هيئة الأمر بالمعروف مع المتطوعين، وتسهيل دخولهم لمباشرة الحالات الإسعافية في أقسام النساء، مؤكداً أن ذلك جاء ثمرة لاجتماعات سابقة مع مسؤولين من الهيئة ومسؤولين أمنيين تناولت طبيعة دور المتطوعين، وآلية العمل التي تنظم المشروع.

جولات ميدانية
ويوضح النزهة أن دور اللجنة الميدانية يتوزع على 4 مشرفين ميدانيين بالتناوب، مشيرا إلى أن مشرف الساحة هو المسئول عما يحصل في فترته، ولذلك توجد لدينا عربة خاصة للإشراف، فإذا حدث أي خلل أو اضطرابات يسهل عليه الوصول إلى موقعه في الوقت المطلوب.
ويضاف إلى ذلك الجولة الميدانية الدورية التي يقوم بها المشرف على جميع الفرق، موضحا أنه من أهم الأهداف التي تحققت مباشرة الحالة خلال 5 دقائق من لحظة تلقي البلاغ.
ويصف الوضع الصحي لزوار الحرم النبوي بأنه عادي ومستتب، مشيرا إلى أن الحالات المرضية تأتي ضمن الاضطرابات الطبية المعتادة، فمعظم الحالات كانت ارتفاع ضغط الدم أو السكر أو نوبات ضيق تنفس لمرضى الربو.
ويقول: كانت هناك حالات طارئة معدودة منها حالة سكتة دماغية، وحالة إجهاض، وعدد قليل من حالات النزيف بسبب أمراض نسائية.
إضافة إلى حالة اضطراب نفسي لسيدة تســــببت في جذب انتباه الـــزوار، ونجح أحد أعضاء هيئة الأمر بالمعروف في تهدئتها بقراءة آيات من القرآن.

معدلات طبيعية
ويشدد النزهة على قلة حالات الأنفلونزا، قائلا: إن جميع الحالات التي نباشرها نرصد درجات حرارتها، ولم نشهد ارتفاعاً عن المعدلات الطبيعية إلا لعدد يسير لم يتجاوز بضع عشرات، وهذا أقل كثيراً من المتوقع، مؤكدا عدم تلقي المشروع أي بلاغ عن حالة وفاة منذ بداية الشهر.
ويؤكد أن المشروع يوفر لكل مسعف حقيبة طبية إسعافية، مجهزة من قبل الهلال الأحمر، بجميع ما يحتاج إليه من جهازي قياس الضغط والسكر ومقياس نبضات القلب ومعدل التنفس والأكسجين، بالإضافة إلى المستلزمات الأخرى من سماعة طبية وضمادات ومحاليل ومعقمات جروح ومسحات طبية، علاوة على الكمامات والقفازات الطبية، كما تزود الفرق بأنبوبة أكسجين وجبائر للكسور.
وجميع المتطوعين يجيدون اللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى وجود عدد ممن يجيدون لغات أخرى كاللغة الأردية.
ويتبع المشروع أربع سيارات إسعاف متمركزة في مداخل الحرم تعمل في الحالات الطارئة ، ويضاف إليها سيارتا عناية خاصة، كلتاهما أشبه بغرفة عمليات متنقلة يقوم عليها طبيب استشاري من الهلال الأحمر يسانده طاقم طبي من المتطوعين.

غرفة عمليات
وفي غرفة العمليات الصاخبة بالبلاغات من مختلف مواقع تمركز المتطوعين يؤكد رئيس لجنة العمليات محمد داغستاني أن دورالمتطوعين يشبه عمل القلب في الجسد فجميع البلاغات التي تتلقاها الغرفة يتم تحديد موقعها والفرق المسؤولة عنها وبالتالي يتم الاتصال بهم أو بمشرفي الساحة وربطهم بالجهات المعنية.
ويقول: إن متابعة غرفة العمليات تستمر حتى مباشرة الحالة وتسجيل مختلف البيانات المطلوبة إلى حين إتمام الإسعافات اللازمة أو التوجيه بنقلها إذا اضطر إلى ذلك، وعندها توجه العمليات العربات الإسعافية إلى موقع الحالة لنقلها إلى المركز الصحي.
ويشير إلى أن القائمين على المشروع يعتمدون المبادئ العلمية في معالجة الأوضاع التي تواجههم، بتوفير المعلومات الإحصائية الدقيقة، ولذلك خصصت لجنة للإحصاء تقوم بتسجيل وحساب عدد البلاغات اليومية بشكل عام، ومن ثم تصنفها حسب نوعية المرض، فهناك الأمراض المزمنة والأخرى الحادة بالإضافة إلى حالات الكسور والحمل وأمراض الأطفال.

تطوير الخدمات
رئيس لجنة الإحصاء المهندس مازن الشهري يؤكد أنهم يدخلون بيانات الحالات والتفاصيل المتعلقة بها من عمر المصاب وجنسيته وطبيعة إصابته ونحوها من المعلومات.
ويقول: إننا نقوم بمعالجة هذه البيانات إحصائياً للخروج بمعلومات تشرح الروابط بين مختلف المتغيرات المدخلة وطبيعة الحالات، وهذا يتيح لنا الخروج بتصور مفصل يساعد في تطوير الخدمات مستقبلا والتعامل معها بأسلوب أفضل في زمن أقصر.
ويشير الشهري إلى أن عدد الحالات التي تعامل معها المشروع وصلت إلى نحو 3700 حالة خلال أسبوعين معظمها حالات ارتفاع في ضغط الدم ومستوى السكر إضافة إلى نوبات ربو.أما رئيس لجنة التمويل تمام العربي فيوضح أن مشرف اللجنة يقوم بجولات متكررة يومياً للوقوف على احتياجات اللجان الميدانية المتجددة وتوفيرها، بالإضافة إلى تجهيز 7 عربات تتجول في ساحات الحرم ناقلة المصابين إلى المراكز الصحية القريبة.
ويقول: إن اللجنة تحرص على توفير مختلف المتطلبات اللوجستية من شراب وغذاء لطاقم العمل يأتي على رأسها تقديم ماء زمزم المبرد للمتطوعين تجديداً لروح العمل والحفاظ على حيوية الأداء.

أقسام النساء
وعلى الرغم من قلة المساحة المتاحة لتحرك المتطوعات في أقسام النساء في الحرم إلا أنهن كثفن فترات العمل.وتوضح المشرفة على عمل المتطوعات دعاء الفريدي أن عملهن ينقسم إلى 3 فترات الأولى صباحية والثانية مسائية والأخيرة في منتصف الليل لمواكبة موعد زيارة النساء للروضة الشريفة في جهتي الحرم الشرقية والغربية. ويضم الفريق ما يزيد على 20 مسعفة طبية يتوزع عملهن على المرافق النسائية في الحرم النبوي متمركزات في مكاتب داخل الحرم وفي كبائن مخصصة في الساحات.
توقع علاج 6 آلاف حالة حتى نهاية رمضان
حديث الأرقام يؤكد أن عدد الحالات التي تعامل معها "مشروع التطوع الإسعافي في المسجد النبوي الشريف" تجاوز 3700 حالة، حتى الآن، ومن المتوقع أن تصل الحالات إلى 6000 حالة.
ويبلغ المعدل اليومي ما بين 200 إلى 250 حالة، ونادراً ما تتجاوز 300 حالة في اليوم الواحد.
كما أن معظم الحالات مصابة بارتفاع في الضغط والسكر ونوبات ربو، ويرجع ذلك إلى تناسي الزوار أخذ الدواء.
أما المتطوعون المئة فمعظمهم من كلية الطب في جامعات طيبة والملك سعود وجازان.ومن ناحيته أوضح رئيس اللجنة الإعلامية ماجد طولة أن هناك تواصلا بين المشروع والوسائل الإعلامية، حيث يتم توفير المعلومات عن المشروع للجميع.
وأعلن أنه سيتم تنظيم حفل ختامي مساء يوم 27 رمضان بقاعة الاحتفالات بمكتبة السيد حبيب، لتكريم المتطوعين والمتطوعات أطباء وطبيبات المستقبل على جهودهم المبذولة طوال شهر رمضان، كما يتضمن تكريم الجهات المساندة والمساعدة في إنجاز المشروع.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك على الخبر

شاهد ايضا