728

الجمعة، 11 سبتمبر 2009

لبنان ذاهب إلى المجهول واختبار قوة وسط صراخ سياسي الحريري عائد بشروط مضادة أشد على المعارضة

إيلي الحاج من بيروت: ماذا بعد اعتذار سعد الحريري عن تأليف الحكومة اللبنانية؟ إلى أين وإلى متى يمكن أن تستمر الأزمة وتبقى البلاد بلا حكومة ترعى شؤونها وتتحمل المسؤوليات؟ وإذا كان ابن رفيق الحريري الذي يحوز إجماعاً ساحقاً في طائفته ويقود تحالفاً هو الأكبر في لبنان لا يستطيع أن يؤلف الحكومة فمن ترى يستطيع؟

بعض الأجوبة سهل وبعضها صعب عند ركني الأمانة العامة لقوى الغالبية أو 14 آذار (مارس)، منسقها النائب السابق فارس سعيد والنائب السابق سمير فرنجية. يتفق الرجلان على توقع أزمة سياسية طويلة المدى ويؤكدان في لقاء مع "إيلاف" أن سعد الحريري سيعود رئيساً مكلفاً تأليف الحكومة وبغالبية كبيرة قد لا تقل عن التي أيدته سابقاً (86 نائبا من أصل 128) خصوصاً أن رئيس مجلس النواب نبيه بري المدرك أن ثمة أكثرية كبيرة مؤمنة من 71 نائباً سارع إلى التسريب للصحافة أنه سيعاود تأييد الحريري وترشيحه لرئاسة الحكومة إذا اعتذر، وذلك رغم أن بري رفض خلال الإستشارات أن يسلم الحريري الأسماء التي يريدها لتمثيل حركة "أمل" في الحكومة، مشترطاً على غرار حليفه "حزب الله" صاحب قرار الحل والربط في المعارضة أن يتفق الحريري أولاً مع النائب الجنرال ميشال عون الذي رفع شروطاً أربعة اعتبرها الرئيس المكلف سابقاً كلها تعجيزية ورفضها، وهي تبدأ بتوزير صهر الجنرال مجددا الوزير جبران باسيل وإعطائه حقيبة الإتصالات ذات الطابع الأمني الملح لـ "حزب الله" وشبكة اتصالاته، ولا تنتهي بمطالبته بوزارة الداخلية ونيل أربعة وزراء موارنة من أصل ستة ورفضه أن يكون بين وزراء تكتله الخمسة أي وزير دولة بلا حقيبة.

الحريري خلال تقديم إعتذاره عن تشكيل الحكومة أمام رئيس الجمهورية
ووفق المنطق الذي يتابعه فرنجية وسعيد لا يتحمل الوضع أن يرشح "تيار المستقبل" ومعه "تكتل لبنان أولاً" ، وقوى الغالبية عموماً أي شخص غير الحريري تحت طائلة ظهور مسيرته السياسية متعثرة في بدايتها وتصويره عاجزاً عن تأليف الحكومة في حين أن غيره قادر على هذه المهمة، وهو ابن الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والزعيم المستند إلى دعم لا سابق له من طائفته أولاً وغالبية لبنانية تالياً، وإلى دعم عربي واسع يمتد من أغادير إلى شط العرب، فضلاً عن الدعم القوي الذي يحظى به على المستوى الدولي وتجلى في مناسبات عدة عومل خلالها معاملة رؤساء الدول. ولهذا كله ولأسباب أخرى لا يقبل سعد الحريري أن يخضع لعمليات تطويع ومحاولات ليّ ذراع ، مورست عليه خلال استشارات تأليف الحكومة التي استمرت 73 يوماً من يوم تكليفه حتى إعلان اعتذاره في قصر رئاسة الجمهورية الصيفي في بيت الدين.

ينفي فرنجية وسعيد بالتالي صحة أي كلام على ترشيح رئيس حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة للبقاء في مقر رئاسة مجلس الوزراء في السرايا. ويتفقان على أن الأزمة قد تكون طويلة وقد تتحوّل أزمة نظام تهدد إتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية بعدما أطاحت "إتفاق الدوحة" الذي يعرض بموجبه الحريري على خصومه في قوى 8 آذار(مارس). كما يتفقان على أن الحريري لن يعاود الدخول في التوزيعة التي أوصلته إلى طريق مسدود على أساس صيغة 15 وزيرا لقوى الغالبية، و10 لقوى المعارضة و5 لرئيس الجمهورية، بحيث لا تملك الغالبية النصف زائداً واحداً التي تتيح لها اتخاذ القرارات العادية في مجلس الوزراء، ولا المعارضة الثلث المعطل أو الضامن الذي يوقف القرارات ، ويكون وزراء الرئيس الخمسة بوزارتين سياديتين هما الدفاع والداخلية والدفاع بمثابة "منطقة عازلة" تضم وزيرين مستترين، واحد منهما لكل من الطرفين. وهذه صيغة مستترة سارع وزير "حزب الله" في حكومة السنيورة محمد فنيش إلى الإعلان بعد إعلان اعتذار الحريري أن لا عودة إليها، لا بل أن المعارضة لن تقبل في التشكيلة الحكومية المقبلة بأقل من "الثلث المعطل" أو "الضامن" بطريقة معلنة وصريحة . وهذا تصعيد قابله الحريري بتصعيد أشد بتسريب إلى الصحافة عبر مصادره يقول إن الغالبية لن تقبل بأن تعطي الأقلية المعارضة في الحكومة المقبلة أكثر من 6 وزارات من أصل 30، وأن العرض الذي قدمه من خلال التشكيلة الحكومية التي أجهضتها المعارضة لن يتكرر.

ما الحل إذاً، حكومة تكنوقراط؟ سمير فرنجية يقول "ربما". وفارس سعيد يرى إنها "لا تركب". وينتظران أياماً يعلو فيها الصراخ السياسي كثيراً وقد تتخللها على المدى الطويل تظاهرات سياسية من هنا أو هناك، دعماً للحريري أو للضغط عليه تحت ستار مطالب عمالية. لكن الأكيد عندهما أنه سيأخذ وقته . ليس مستعجلاً. ويدعوان إلى التوقف عند إعلان وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي أن طهران مستعدة للتفاوض على الملف النووي وأفغانستان والعراق وفلسطين ولبنان.

يعني ذلك أن صهر الجنرال عون ليس إلا حلقة ضئيلة الحجم في صورة عرقلة أكبر لتأليف الحكومة كي يكون لبنان إحدى الأوراق في يد المفاوض الإيراني الذي يقترب استحقاقه هذا الشهر. لهذا يبدو الحريري أشد حنقاً على "حزب الله" مما على الجنرال عون الذي لا تحظى مواقفه بكبير اهتمام عنده، ولا يعتبره زعيم "المستقبل" العقبة الحقيقية.

وكان الحريري أعلن بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال سليمان في قصر بيت الدين اعتذاره عن تأليف الحكومة اللبنانية، معيدًا الأسباب إلى أن محاولته تشكيل حكومة ائتلاف وطني لن تنجح، ورفضه أن تتحول رئاسة الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف إلى مجرد صندوق بريد وبعد ان اصطدم إلتزامه تشكيل حكومة وحدة بحائط، آملاً في ان يشكل اعتذاره مناسبة لإطلاق عجلة الحوار واجراء استشارات تنتهي الى قيام حكومة تستطيع قيادة البلاد إلى بر الأمان...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك على الخبر

شاهد ايضا