728

الجمعة، 11 سبتمبر 2009

أزمة دفاتر خانقة في غزة بسبب الحصار الفلسطينيون تثقلهم أعباء بداية العام الدراسي الجديد

إيلاف - سما حسن: يبدو أن الـمواطن الغزي قد استسلـم لحالة الفقر والعوز الشديدة التي يتعرض لها في ظل انعدام العمل والحصار والفقر المتفاقم منذ أربعة أعوام خاصة بعد الحرب الأخيرة على غزة والدمار الذي أصابهم ، وأصبح الحديث عن العام الدراسي الجديد ومستلزماته في غزة نوعا من العذاب بالنسبة إلى رب أي أسرة لا يملك سوى أن ينتظر المساعدات التي تقدمها الجمعيات والمؤسسات لأبنائه فتلك تجود عليه ببعض الأرز وأخرى تقدم حقائب مدرسية لصغاره، ورغم ازدحام الـمحال التجارية بالحقائب الفاخرة من مختلف الأحجام والأسعار، إلا أن الفقراء ينتظرون أن تأتيهم من خلال طرود مساعدات كما اعتادوا خلال السنوات الـماضية، فالأحوال الاقتصادية لغالبية سكان القطاع لا تمكنهم من شراء الـمستلزمات الـمدرسية كالزي المدرسي والحقيبة الـمدرسية، خصوصاً مع ارتفاع أعداد الطلبة في الأسرة الواحدة.
ومع قرب افتتاح العام الدراسي الجديد، تزينت مئات الـمحال التجارية في مختلف أنحاء القطاع بآلاف الحقائب الـمدرسية القديمة والجديدة الـمهربة عن طريق الأنفاق التي تقع على الحدود المصرية الفلسطينية، وسط إحجام عن الشراء، كما يؤكد ماجد الأمين صاحب أحد الـمحال في شارع عمر الـمختار وسط مدينة غزة .
ويكتفي الفقراء بالنظر ومشاهدة البضائع الـمعروضة أمام الـمحال دون السؤال عن سعرها، كما يقول الـمواطن أحمد الذي وقف بجانب عربة "كارو" يمتلكها يتأمل عشرات الحقائب الـمعروضة وسط تمنيات بالحصول على إحداها من قبل مؤسسة وعدته بصرف حقيبة لأحد أبنائه.
وقال إنه لا يفكر في التعرف إلى أسعار هذه الحقائب أو الزي الـمدرسي لأنه لا يمتلك الـمال الكافي لذلك، مشيرا إلى أن تكلفة الطالب الواحد في الـمرحلة الإعدادية أو الابتدائية تزيد عن 400 شيكل"مائة دولار أميركي" ما بين زي وحذاء وقرطاسية وحقيبة.
وبازدياد حالات الفقر في القطاع يزداد اعتماد الـمواطنين على الـمساعدات التي تقدمها عشرات الجمعيات والـمؤسسات الأجنبية التي نشطت ووسعت دائرة عملها في القطاع بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع.
أحد المواطنين أكد أنه اشترك ومجموعة من أصدقائه وأقربائه في جمعية تعاونية، واشترط عليهم أن يتسلـمها مع بداية العام الدراسي.
وقال إن الـمشكلة تكمن في تلاحق الـمناسبات، فكسوة الـمدارس وشراء الأدوات القرطاسية لأبنائه الثلاثة بحاجة إلى مبلغ من الـمال، كما أن شهر رمضان ومصاريفه الـمتزايدة بحاجة إلى مال أيضا، ثم سيحل عيد الفطر الذي يتطلب مصروفات كبيرة، ومن بعده عيد الأضحى ومتطلباته.
وأشار خليل إلى أن كل هذه الـمناسبات الـمتلاحقة تثقل كاهله، خاصة أنه لا يجد فرصة عمل منتظمة، داعيا الله أن يعينه ليتمكن من تلبية احتياجات أسرته خلال الأشهر القليلة الـمقبلة.
أما الـمواطن إياد وهو عاطل عن العمل منذ ما يزيد على عشر سنوات فأكد أنه لا يتوقف عن التفكير، متسائلا كيف سيتمكن من توفير احتياجات أسرته خلال الفترة الـمقبلة، وهو لا يمتلك الـمال الكافي.
وأوضح حمزة أنه يعاني كل عام الـمشكلة نفسها،ولكن المشكلة تفاقمت هذا العام
الـمواطن محمود الذي كان يسير برفقة زوجته وأبنائه في سوق غزة أكد أن الـمشكلة هذا العام مزدوجة، بسبب ارتفاع الأسعار، وأوضح أنه كان يدخر مبلغا من الـمال لكسوة أبنائه وتجهيزهم للـمدرسة، لكنه تفاجأ بأن ما لديه من مال لا يكفي لشراء كل ما يحتاجونه، موضحا أنه يفكر باقتراض مبلغ من أحد أصدقائه ليتمكن من تلبية الاحتياجات الـمتزايدة لأسرته خلال الشهرين الـمقبلين.
أما الـمواطن عمر فيؤكد أن زوجته أنقذته بحنكتها، حين فاجأته بمبلغ من الـمال أدخرته طوال العام الـمنصرم، موضحا أن زوجته كانت تأخذ منه مبلغا صغيرا عند استلام كل راتب بدعوى شراء حاجيات للـمنزل، وكانت تدخره، وقد توجهت إلى السوق لشراء حاجيات الـمدارس لأبنائه.
وقالت الزوجة بسعادة: لو لم أفعل ذلك لما كنا سنستطيع تدبير شراء لوازم العام الدراسي لصغارنا.
أما أم العبد فقالت: بعت آخر قطعة ذهبية أملكها لأشتري لأطفالي مستلزمات المدرسة......
وتصف أم حاتم حال أسرتها بالصعب، قائلة “لم اعد استطيع تحمل أعباء أسرتي وحدي، زوجي توفي منذ عامين وأنا مسؤولة عن أربعة أطفال أكبرهم بالصف العاشر يعينني في توفير مصروف البيت”.
وتشير أم حاتم إلى أن الأحوال آخذة في السوء، ولم تعد كفالة أطفالها الأيتام تصلها، فاضطرت إلى صنع الخروب والسوس لأولادها حتى يبتاعوه في أسواق المدينة، “فهكذا أوفر الطعام والمصروف لأطفالي طول العام الدراسي.
أما عن أزمة الدفاتر في غزة فيقول محمد الطالب في الصف الحادي عشر في مدرسة ثانوية في غزة، فيوضح معاناته في رحلة البحث عن قرطاسيّة، ويقول «إن البحث عن دفتر بات مهمة شاقة، وتستدعي التفرغ لها لساعات طويلة»، ويضيف أن «المكتبات ومحال السوبر ماركت فرغت من الدفاتر في أول يومين من العام الدراسي.
ويعتمد الفلسطينيون على أنفاق التهريب للتزود ببضائع وسلع تمنع سلطات الاحتلال إدخالها إلى غزة ضمن قائمة طويلة من الأصناف منذ تشديد الحصار عقب سيطرة حركة «حماس» على غزة في 14 حزيران 2007.
ويؤكد التجار في غزة أن «الدفاتر ممنوعة ويتم تهريبها من الأنفاق، كما يتم تهريب البصل والثوم والسيارات والمواشي، ومستقبل التعليم كله في خطر، ولا أحد مهتم في ظل الوضع المتدهور من جميع النواحي في غزة
وأظهرت التقارير الاحصائية التي تعدها منظمات حقوق الانسان أن معدل الفقر وصل في قطاع غزة إلى 85% وأن ما نسبته 66.7% يعيشون في فقر مدقع نتيجة للآثار الناتجة من الإغلاق وزيادة معدل البطالة وذلك في ظل استمرار ارتفاع مؤشر غلاء المعيشة نتيجة شح الواردات وضعف الرقابة على الأسعار وإنخفاض حجم الإنتاج المحلي واستمرار زيادة معدلات الإعالة الاقتصادية والفقر وإعتماد الأسر الفلسطينية على المساعدات الإنسانية خاصة الغذائية منها لتجنب ازدياد نسب سوء التغذية.
وأشارت نتائج التقارير إلى أن 62% من الأسر في قطاع غزة أجرت تعديلات في أنماطها الاستهلاكية كي تتماشى مع ظروف الحصار الراهن حيث أصبح ثلاثة أرباع سكان القطاع يواجهون صعوبة في توفير السلع الأساسية الأمر الذي يعكس محدودية القدرة على الاستمرار في التكيف مع الظروف الراهنة ما يتطلب تدخلات عاجلة على المستويين الدولي والمحلي لمساندة هذه الفئة من الشعب المحاصر الذي لا حول له ولا قوة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك على الخبر

شاهد ايضا